قوله (قدّس سرّه): و أمّا اللواحق فهي: أنّ الزكاة تجب في العين لا في الذمّة (1)[1].
أقول: قد عرفت في طيّ المباحث السابقة أنّه إذا كان في شيء جهتان: جهة تكليف وجهة وضع، قد يكون التكليف أصلا و الوضع مانعا له، و قد يكون الأمر بالعكس، و تعيّن أحد الأمرين يتبع الدليل، و قد عيّن في جملة من الموارد كما في منذور الصدقة و الدين و أنّ الزكاة أيضا من هذا القبيل، أي لها جهتان، لكنّها ممّا يشتبه حالها بحسب أدلّتها؛ لاختلاف مفادها، كما يعلم من الرجوع إلى ما ذكرنا له؛ لأنّ القول بكونها تكليفا محضا كما في الصلاة و الصوم و نحوهما سخيف جدّا لا قائل به يعرف، و إن كان يقتضيه ظاهر بعض أدلّتها في بادئ النظر.
فإذا تحقّق أنّ لها جهة وضع سواء كان تابعا أو أصلا و أنّ الفقراء يستحقّون شيئا، فنقول: لا يخلو الأمر من أنّ الزكاة إمّا أن تكون متعلّقة بالذمّة محضا من غير أن يكون لها تعلّق بالعين أصلا، فيكون تملّك النصاب من الأعيان كشهر رمضان في زكاة الفطرة سببا لاستقرار شيء في الذمّة، و إمّا أن تكون متعلّقة بالعين و إن كان لها نحو تعلّق بالذمّة أيضا.
و التعلّق بالعين أيضا لا يخلو إمّا أن يكون من جهة كون جزء منها ملكا للفقراء مشاعا على سبيل شيوع الجزء في الكلّ أو الكلّي في الأفراد، و إمّا أن يكون من قبيل تعلّق الدين بالعين المرهونة، و إمّا أن يكون من قبيل تعلّق حقّ الجناية بالجاني. هذا.