ثمّ إنّه ذكر- دام ظلّه العالي- أنّه يظهر من تضاعيف ما ذكرنا ضعف ما أفاده في كشف الغطاء [1] من أنّه لو اختلف البلدان في تعارف الكيل في بعض الأشياء لحق كلّ واحد حكمها، و لذا تأمّل فيه بعض المتأخّرين [2]. هذا بعض الكلام في المقام الأوّل.
و أمّا الكلام في المقام الثاني: [في بيان عنوان ما خرج عن عنوان ما تستحبّ فيه الزكاة.]
فحاصل القول فيه أنّ الموجود في كلام المصنّف و جماعة استثناء الخضر، و ذكر جماعة استثناء امور اخر أيضا، و قد تمسّكوا في ذلك بروايات ظاهر أكثرها نفي الوجوب، و لا بدّ من أن يعلم أنّ الكلام في المقام إنّما هو فيما يستفاد من الروايات في ضابط ما خرج ميزان ما يستحبّ فيه الزكاة، و إلّا فكلّ أحد يعلم أنّ مقتضى الأصل عدم الاستحباب، لكنّه لا ينفع في المقام؛ لأنّا أثبتنا بمقتضى الروايتين [3] عند الكلام في بيان ميزان ما يستحبّ فيه الزكاة أنّ قضيّة القاعدة استحباب الزكاة في كلّ ما اجتمع فيه الوصفين، أي الإنبات و كونه ممّا يكال في العادة. هذا.
و أمّا الروايات التي استدلّوا بها للمستثنيات فكثيرة.
منها: ما عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام): «أنّه سئل عن الخضر فيها زكاة و إن بيع بالمال العظيم؟ فقال: لا، حتّى يحول عليه الحول» [4].
و منها: ما عن الحلبي «قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): ما في الخضر؟ قال: و ما هي؟
قلت: القضب و البطّيخ و مثله من الخضر، قال: ليس عليه شيء إلّا أن يباع مثله بمال فيحول عليه الحول ففيه الصدقة. و عن الغضاة من الفرسك و أشباهه فيه زكاة؟ قال: لا، قلت: فثمنه؟ قال: ما حال عليه الحول من ثمنه فزكّه» [5].