responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 3  صفحة : 381

مذهبه في الكشف من كون العقد مشروطا بتعقبه بالإجازة لعدم إحراز الشرط مع الشك

وجه صحة ما ذكره على مذهبه انّما هو عدم تحقق شرط العقد الموجب لعدم تحقق السّبب التام للملك و لا مدخل لخصوص كون الشّرط عبارة عن تعقب العقد بالإجازة فليس ذكره الا لبيان ما هو الواقع من مذهبه و كونه أحد الأقوال الّتي ذكرها في الكشف و على هذا فلو قال قائل بأنّ نفس الإجازة شرط في تأثير العقد السابق أثره النّاقص بان يكون هو سببا ناقصا و يتمّ بلحوقها لم يجز التمسّك بعموم الوفاء بالعقود الّا ان يقال ان هذا المعنى ليس إلا عبارة عن القول بكونها ناقلة

قوله و دعوى انّ الالتزام المذكور انّما هو على تقدير الإجازة و دخول البدل في ملكه فالالتزام معلّق على تقدير لم يعلم تحققه فهو كالنذر المعلّق على شرط حيث حكم جماعة بجواز التصرّف في المال المنذور قبل تحقق الشرط إذا لم يعلم بتحققه فكما ان التصرّف (حينئذ) لا يعد حنثا فكذا التصرّف فيما نحن فيه قبل العلم بتحقق الإجازة لا يعد نقضا لما التزمه إذ لم يلتزمه في الحقيقة إلا معلّقا مدفوعة بعد تسليم جواز التصرّف في مسئلة النّذر المشهورة بالإشكال

اعلم انّه قد اتّفق البحث عن عنوان المسئلة التي وصفها بالإشكال في مواضع من كتب الفقهاء (رضي الله عنه) فتذكر في كتاب الزكاة و في كتاب الحجّ و في كتاب الصيد و الذباحة و حيث كانت من المشكلات كما أشار إليه (المصنف) (رحمه الله) لم يكن بأس بالتعرّض لتفصيل القول فيها فنقول ان جعل الشيء صدقة أو الحيوان أضحية أو نحو ذلك يقع تارة بالفعل بان يتصدّق به على الفقير أو يذبح الحيوان أضحية مثلا و لا كلام فيه و لا اشكال و اخرى بالقول و هذا هو المبحوث عنه و يقع البحث عنه تارة في كيفية السّبب الصحيح شرعا و اخرى في انّ التصرّف قبل وقوع الشرط جائز أم لا فالكلام يجري في مقامين المقام الأوّل في البحث عن السّبب الصحيح و هو على أقسام ثلاثة أحدها مجرد جعل المال صدقة أو الحيوان أضحية مقرونا بالشرط أو بدونه بان يقول جعلة صدقة أو جعلت هذا الحيوان أضحية و يقصد القربة من دون اقترانه بالنذر و ما قام مقامه من العهد و اليمين ثانيها نذر النتيجة بأن ينذر صيرورتها أضحية كنذر صيرورة المال صدقة للفقراء ثالثها نذر الأسباب و الأفعال بأن ينذر إعطاء المال للفقراء أو التضحية بالحيوان و ذبحه امّا الأوّل فالبحث فيه يقع من حيث ان ذلك هل هو من أسباب فك الملك شرعا و انّه بمجرّد قوله جعلته صدقة أو جعلته أضحية هل يخرج عن ملكه و يصير للّه (تعالى) يستحقه عباده الفقراء أم لا الأقوى هو الأوّل فيخرج عن ملكه بمجرّد قوله المذكور و كذا الوالي بالجملة الاسميّة فقال هذه صدقة أو أضحية و قصد القربة إذ لا مانع من استعمال الجملة الاسميّة في مقام الإنشاء و قد تحقق صحته في الطلاق و لعتق بل نعمم المقال و نقول ان مثل ذلك يجري في كلّ ما يجعل للّه الا الوقف ففيه خلاف و على هذا فلو جعل شيئا صدقة و اتى باللفظ الدال على ذلك فقال جعلته صدقة أو هذه صدقة خرج عن ملكه و لم يكن له العود اليه و كذلك فيما تعارف من تسبيل الماء في المشهدين الشريفين فلو قال سبلت هذا الماء أو هذا الماء سبيل خرج عن ملكه و لم يكن له العود اليه بل ذهب الشيخ (رحمه الله) في خصوص الأضحية إلى أنّها تتعيّن بالشراء بنية الأضحية قال في كتاب الضحايا من المبسوط إذا اشترى شاة تجزى في الأضحية بنية انها أضحية ملكها بالشّراء و صارت أضحية و لا يحتاج ان يجعلها أضحية بقول و لا نيّة مجدّدة و لا تقليد و لا إشعار لأنّ ذلك انّما يراعى في الهدى خاصة فإذا ثبت ذلك أو كانت في ملكه فقال قد جعلت هذه أضحية فقد زال ملكه عنها و انقطع تصرّفه فيها فان باعها فالبيع باطل لانّه باع مال غيره فان كانت قائمة ردّها و ان ماتت فعليه ضمانها و هكذا لو أتلفها قبل وقت الذّبح كان عليه ضمانها و الضمان يكون بقيمتها يوم أتلفها هذا كلامه (رحمه الله) و الوجه ما ذكرناه و هو الّذي صرّح به العلّامة (رحمه الله) في الإرشاد حيث قال و يتعيّن بقوله جعلت هذه الشّاة أضحية و لو قال للّه على التضحية بهذا تعينت انتهى و حكى عن التذكرة و عبارتها في مبحث الضحايا لا تفي بالحكم بشيء إذ لم يذكر هناك سوى قول الشيخ (رحمه الله) المتقدم ذكره و أقوال العامة و حكى عن (الدروس) انّه قال فيها و لو كانت في ملكه تعينت بقوله جعلتها أضحية فيزول ملكه عنها و ليس له إبدالها و ان أتلفها أو فرط فيها فتلفت فعليه قيمتها يوم التلف و ان أتلفها غيره فعليه ارفع القيم عند الشيخ (رحمه الله) فيشترى به غيرها هذا كلامه (رحمه الله) خلافا للمحقق الشيخ على (رحمه الله) في حاشية الإرشاد حيث كتب على العبارة الّتي قدّمنا نقلها عنه ما نصه ينبغي ان لا يتعيّن الا بنذر و شبهه انتهى و هذا هو الّذي يوهم ما حكى عن السيّد (رحمه الله) و من بعده من انّ من نذر الانعام صدقة لا يجب عليه فيها الزكاة فهو (رضي الله عنه) و كل من تعرض للمسئلة فرضوا المانع من الزكاة خصوص النذر دون جعلها صدقة مثلا فربما أوهم ذلك مصيرهم الى المنع من صيرورة الشيء صدقة أو صيرورة الشاة أضحية بما ذكرناه و لكن لا يبعد ان يكون ذكر النذر من باب كونه ممّا يتحقّق به المانع لا من باب انحصاره فيه فلاحظ كلماتهم في كتاب الزكاة و تدبّر و كيف كان فيدلّ على ما اخترناه وجهان الأوّل قوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ خصوصا بملاحظة الرّواية الناطقة

بتفسير العقود فيه بالعهود الثاني العمومات الواردة فيما جعل للّه مثل قوله (عليه السلام) ما جعلته للّه فف به و في خبر الحكم ما جعل اللّه فلا رجعته فيه و قوله (عليه السلام) في رواية محمّد بن مسلم ما جعل للّه في طاعة فليقضه الخبر و يؤيدها قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لما بشر بعين ينبع بشر الوارث هذه صدقة بتاء بتلاء في حجج بيت اللّه و أمثالها ممّا هو مذكور في كتب الاخبار و قد تمسّك به (المصنف) (رحمه الله) فيما سمعناه منه في بعض الآية منه دام ظله يتمسّك لما اخترناه بقوله المؤمنون عند شروطهم اى ملتزمون بها و ليس معنى الشرط سوى الإلزام و الالتزام يعنى ان المؤمنين ملتزمون بالتزاماتهم لا يتجاوزون ما التزموه على أنفسهم و قد أريد به الإنشاء و ليس حكمه مخصوصا بالشروط في ضمن العقد بل يجري في كلّ التزام و لذلك تمسّك به المحقّق الأردبيلي (رحمه الله) في هذا المقام و عندي فيه نظر لاختصاص الشروط بما كان في ضمن شيء من العقود فلا يجري في العقود و العهود المستقلّة و قد اعترف به (المصنف) (رحمه الله) فيما سيأتي في هذا الكتاب فحصّل المقال انّ الأدلّة تعطى لزوم الوفاء و عدم جواز الرّجوع و يوافقها فتوى جماعة فلا مانع من الالتزام بمؤداها ثم انّ الإنشاء المذكور كما يؤثّر في خروج الأضحية عن الملكيّة يمكن ان يقال بتأثيره في غير ذلك ممّا يقصد به القربة و لم يثبت فيه من الشارع اعتبار لفظ خاص كالوقف و الهبة و البيع و ان توقف على القبول و كفى باللّه قابلا للقربات و الصّدقات التي هي له

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 3  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست