responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 233

انّ الهبة انما تفهم من تجريد اللّفظ عن العوض لا من مادة التّمليك فهي مشتركة معنى بين ما يتضمن المقابلة و بين ما يتجرّد عنها (انتهى) و امّا ما تقدّم ذكره من إيراد بعض المعاصرين بأنه لإيراد بالصّراحة في كلامهم ما يشمل ذلك فهو مدفوع بان ظاهر جماعة منهم و ان كان ذلك الا ان قول جماعة بمجرّدة لا يبلغ مرتبة الحجيّة ما لم ينته الى حدّ الإجماع و كيف ينتهي الى ذلك الحد و قد خالف فيه جماعة كثيرة و قد عرفت ان مذهبه (رحمه الله) هو ان اللّازم انّما هو التعبير عن العنوان المعتبر في ذلك العقد عند (الشارع) و انه لا يجوز الإجارة بلفظ العارية مثلا و يجوز بلفظ بيع المنفعة و السّكنى و على هذا فيكفي المجموع المركب في إعطاء العنوان عنده و لا يلزم حصوله من المفرد ففي قولنا ملكتك بكذا يصير المجموع المركب مفيد العنوان المعاملة و امّا ما ذكره المعاصر المذكور بقوله و الا لجرى في نقلته إليك و أدخلته في ملكك و جعلته لك و المفروض عدمه ففيه منع الملازمة بالنّسبة إلى الأوّل و الأخير و منع بطلان اللّازم بالنّسبة إلى الأوسط و دعوى ان المفروض عدمه يمكن توجيه المنع عليها بأنه ان أراد بأن المفروض عند الأصحاب كلّهم أو عند (المصنف) (رحمه الله) بخصوصه ذلك فتوجه المنع عليه كنار على علم و ان أراد ان المفروض عند جماعة ذلك فيتجه عليه ان مجرّد فتوى جماعة ممّا لا حجّة فيه ثالثها ان التمليك حقيقة في القدر المشترك بين البيع و العطية و الهبة فإن أريدت خصوصيّة البيع من لفظه صار مجازا و استعمال الألفاظ المجازية في العقود غير جائز و ان لم ترد الخصوصيّة من اللّفظ كان عنوانا عاما غير منطبق على المقصود الّذي هو خصوص البيع و فيه ان هذا انما يتم على القول باشتراط كون الضيقة؟

بنفسها مع عدم انضمام شيء ممّا يكشف عن دلالتها صريحة و امّا على القول بالاكتفاء بكون المجموع المركب صريحا كما يظهر من الأكثر فلا يتم لانّ المجموع المركب من لفظي التمليك و العوض المنضم اليه يصير صريحا في عنوان البيع حجة القول الثالث ما أفاده في محكي المصابيح من انه يشكل الإيجاب بها يعنى لفظة ملكت لاحتمالها لغير البيع و ان كانت نصا في الإيجاب و لا يجدى ذكر العين و العوض لان تمليكها به قد يكون بالهبة و الصّلح فلا يتعين بيعا إلا إذا قيده البائع به فقال ملكتك بالبيع و منه يظهر وجه المنع كما هو ظاهر الجامع مع ضعف إطلاقه كإطلاق غيره و لو حمل المنع فيه على المجرد عن القيد و الجواز في غيره على المقيد زال الاشكال انتهى و حذا حذوه صاحب (الجواهر) (رحمه الله) بزيادة احتمال حمل المنع على ما إذا استعمل فيه مجازا بملاحظة الخصوصيّة و المجاز لا ينعقد به العقد و الجواز على استعماله على جهة الحقيقة و ان استفيدت الخصوصيّة من قيد أخر لكنك قد عرفت ما يتّجه على هذا ثمّ انه (رحمه الله) بعد ذكر جملة من الكلام قال و على كلّ حال فالأقوى صحّة الإيجاب بالتمليك مقيدا بالبيع ثمّ حكى عن المصابيح تحققه بكل ما كان من الألفاظ الموضوعة للقدر المشترك بين البيع و غيره نحو النقل و الإمضاء بل (الظاهر) تحققه عند أدخلته في ملكك بل و بجعلته لك بناء على كون اللّام حقيقة في الملك أو أريد ذلك منها بالقرينة بناء على انّها للقدر المشترك بينه و بين الاختصاص ضرورة اشتراك الجميع في المعنى مع ملكت انتهى يعنى انه يقع إيجاب البيع بهذه الألفاظ بعد تقييدها بما قيّد به ملكتك من قوله بالبيع و لكن يمكن الفرق بين ملكت و ان لم يقيّد بقوله بالبيع و انّما قيد بالعوض و بين غيره على ما عرفت من مذاقنا من التّمسك بقوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فيما لم يعرض عنه الأصحاب و معلوم ان ملكتك متصف بهذا الوصف دون غيره من الألفاظ المذكورة

قوله (قدس سرّه) و امّا الإيجاب باشتريت ففي مفتاح الكرامة انه قد (يقال) بصحّته كما هو الموجود في بعض نسخ كره و المنقول عنها في نسختين من تعليق الإرشاد

أقول (الظاهر) انه تصحيف شريت كما هو الموجود في النسخة التي رأيناها لبعد الاقتصار عليها دون شريت و يؤيده انه لم يذكر اشتريت بالخصوص أحد من الفقهاء في عداد ألفاظ إيجاب البيع و ان كان بعض أهل اللّغة ذكر استعماله في معنى إيجاب البيع و قبوله ففي شرح القاموس (يقال) اشتراه إذا ملكه بالبيع و يقال اشتراه إذا باعه انتهى ثمّ ان (الظاهر) منها بعد ما عرفت هو حصر ألفاظ الإيجاب في بعت و ملكت و شريت لانه قال فيها صيغة الإيجاب بعت أو شريت أو ملكت من جهة البائع و مثله عبارة (الدروس) لانه قال فيها فالإيجاب بعت و شريت و ملكت انتهى و زعم بعض المعاصرين ان عبارة (القواعد) ايضا تفيد الحصر على خلاف صاحب (الجواهر) (رحمه الله) في حكمه بأنها كالصّريح في عدم الحصر قال المعاصر المذكور و ما قيل من انها كالصّريح في عدم الحصر محل نظر بل منع بل لعلها بالعكس سيما بملاحظة الحصر في القبول انتهى و لا يخفى على من له خبرة بأساليب الكلام ان الحق ما فهمه صاحب (الجواهر) (رحمه الله) لانه قال في (القواعد) و لا بد من الصّيغة الدّالة على الرّضا الباطن و هي الإيجاب كقوله بعت و شريت و ملكت و القبول و هو اشتريت أو تملكت أو قبلت انتهى و سياقه يعطى عدم انحصار الإيجاب لأنه حكم أو لا بلزوم الصّيغة الدّالة على الرّضا الباطن و هي أمر كلّي ثمّ حكم عليه بأنه الإيجاب و القبول و ادخل الكاف على ألفاظ الإيجاب و هي ظاهرة بل صريحة في التمثيل و امّا ما ذكره المعاصر المذكور من كون الحصر في القبول قرينة على الحصر في الإيجاب ففيه ان ما ذكره في جانب القبول ليس صريحا و لا ظاهرا في الحصر لاحتمال التمثيل فيه اعتمادا على ما ذكره في جانب الإيجاب و احتمال انه يقول بالحصر في جانب القبول دون الإيجاب هذا و قد نسب القول بالحصر في الثلاثة إلى جماعة و حال اليه صاحب (الجواهر) (رحمه الله) كما يدل عليه الجمع بين ما ذكره في لفظي بعت و شريت من دعوى الإجماع و بين ما ذكره في ذيل كلامه و محصله ان الصّريح المعتبر عندهم ما كان دالا على خصوص البيع وضعا فلا يكفى ما يدل عليه بالقرينة و لو قرينة المشترك المعنوي و لو كانت لفظية موضوعة لذلك و الا لكفى المجاز كذلك و التّالي باطل عندهم فالمقدم مثله و الملازمة ظاهرة و الاكتفاء بملكت للإجماع ان ثبت لا يقضى بالتّعدية إلى غيرها و دعوى ان منشئه انما هو أصالة البيع في تمليك الأعيان بالعوض فيتعدى منها الى جميع ما كان بمعناها ممّا هو للقدر المشترك بين البيع و غيره محل منع بل لعل منشئه الترادف مع بعت كما نسب إلى الكركي (قدس سرّه) و غيره فلا يلزم منه التّعدية إلى غيرها مع انتفاء ذلك فيه كما هو واضح أو انه لحكمة لا نعرفها كما هو الوجه و دعوى ان الصّريح ما كان دالا بالوضع (مطلقا) في مقابل المجاز فيشمل المشترك المعنوي كاللفظي ممّا يأباه التدبر في عباراتهم و أمثلتهم في موارد شيء لا تخفى على المتتبع و لهذا احتمل كون المدار عندهم على ثبوت ذلك لغة و تعارفه على السنة الفقهاء و عدم رفضهم له فلا يكفى مجرّد الصّحة لغة أو عرفا و لهذا لم يصحّ سلمتك في السّلم مع صحّته لغة و صراحة فيه كما قيل و شمول الإطلاقات لكل لفظ مجازي أو مشترك لفظي أو معنوي أفاد معنى البيع و لو بالقرينة محل نظر بل منع لقرب احتمال انصرافها الى المتعارف و معلوم ان جميع ذلك

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست