responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 98

كالدخن أو الجص أو البورق في الأمثلة المذكورة فلا يحسب شيء منه بحساب الحنطة إذ ليس من الغالب وجوده في الحنطة و بهذا يمتاز المتمول عن التراب الكثير في الحنطة مما يعتاد وجود قليله و كان الغش بمزج كثيره و ان كان حكم تبعض الصفقة يجري هنا (أيضا) لكن من باب الغش لا من باب كونه غير قابل للملك و لا من باب كونه مال الغير فقد أشار (رحمه الله) بقوله و لو كان شيئا متمولا (انتهى) الى ما هو وجه الفرق بين المتمول و التراب الكثير بعد وضوح البناء على اشتراكهما في حكم تبعض الصفقة و هو بطلان البيع في الخليط الغير المقصود للمشتري بالشراء إذ ليس تبعض الصفقة إلا عبارة عن عدم سلامة احدى العينين المبيعتين جملة للمشتري و لا يتوهم ان هذا هو القسم الرابع الذي حكم فيه ببطلان البيع لان ذلك انما هو فيما لو كان قد بدل تمام المبيع بغير ما هو من جنسه و حقيقته ثم أخفى الأمر على المشترى و أوهمه ان هذا هو الّذي يطلبه المشترى و ما عليه الكلام (حينئذ) انّما هو ما لو مزج بالمبيع ما ليس من جنسه و حقيقته فالفرق بين الأمرين واضح

[المسألة الثالثة عشر مما يحرم التكسب به لكونه محرما في نفسه الغناء]

قوله لا خلاف في حرمته في الجملة

التقييد بقوله في الجملة للإشارة إلى وقوع الخلاف تارة من حيث أصل الحكم و اخرى من حيث الموضوع و ثالثة من حيث اختصاص الحكم ببعض الموضوع و قد تعرض هو (رحمه الله) لتفصيل ذلك فيما سيأتي و نسب الأوّل إلى المحدث الكاشاني (رحمه الله) و الذي فهمه (المصنف) (رحمه الله) من كلامه و من كلام صاحب الكفاية هو ان الغناء ليس محرّما أصلا و انّما المحرم ما يقترن به من المحرمات من الرقص و غيره و على هذا فلا بد من ان يكون المراد بعدم الخلاف في حرمته في الجملة أنه يوصف بالتحريم و لو من باب اسناد وصف أحد الملابسين الى الأخر فتأمل ثمّ ان الدليل على حرمته الإجماع بقسميه المحصل و المنقول بل في الجواهر انه يمكن دعوى كونه ضروريا في المذهب و في المستند الدليل عليه هو الإجمال القطعي بل الضرورة الدينية و يدلّ عليها (أيضا) الأخبار المستفيضة و قد ذكر في الوسائل ما يزيد على ثلثين حديثا بل في الجواهر دعوى تواترها و حكاه (المصنف) (رحمه الله) عن الإيضاح و ان قال المحقق الأردبيلي (رحمه الله) ما رأيت رواية صحيحة صريحة في التحريم و لعلّ الشهرة تكفي مع الاخبار الكثيرة بل الإجماع على تحريم الغناء و التخصيص يحتاج الى الدليل و يمكن ان يقال ان الاخبار ليست بحجة و انّما الإجماع و الشهرة مع القيدين فلا حجة على غيره و الأصل دليل قوى و الاحتياط واضح انتهى و قد يدعي دلالة الكتاب العزيز عليها و هي دعوى ناشئة من شهوة تطويل الكلام فإن شيئا من الآيات لا دلالة له بظاهره و انّما فسّرت في الاخبار بالغناء فالدليل انّما هي الأخبار دون نفس الآيات الا ان يقال ان الآية المجملة جامعة لشرائط الدليلية لو لا الإجمال فإذا ارتفع ببيانها في الاخبار صارت دليلا بالفعل و الأمر سهل و قد يدعي دلالة العقل (أيضا) قال في الجواهر قيل ان تحريم الغنا كتحريم الزّنا أخبار متواترة و أدلته متكاثرة عبّر عنه بقول الزور و لهو الحديث في القران و نطقت الروايات بأنه الباعث على الفجور و الفسق فكان تحريمه عقليا لا يقبل تقييد أولا تخصيصا فيحمل (حينئذ) ما دلّ على الجواز على التقية أو يطرح لكنه كما ترى ضرورة عدم كونه (كذلك) فان الطرب و الخفة و نحوهما ممّا يفيد الإنسان طربا أشد من الغناء فليس تحريمه الا سمعيا انتهى و أورد عليه بعض من تأخر بان لهذه الأمور التي ذكرها مصالح معتبرة عند الشارع و هو بقاء النّسل فلذلك حللت و أنت خبير بأنّه لو كان الحكم بحرمة الغنا ممّا يستقل به العقل كما هو مقصوده من الإيراد على صاحب الجواهر (رحمه الله) و قد صرّح هو باستقلال العقل به فلا يكون ممّا يقبل التخصيص الا ان يقال بان العقل يحكم بوجود مقتضى القبح فيه ما لم يمنع من اقتضائه مانع و لكن الإنصاف ان حكم العقل بقبح الغنا و تحريمه ممنوع حتى بعنوان وجود مقتضيهما كما ان كونه مؤديا إلى الفسق و الفجور ممنوع و لم نعثر في الاخبار على ما يدلّ على كونه بهذا الوصف محرّما و الوجدان على خلافه فانا نجد بديهة ان أداء أكل الأطعمة المقوية المفرّحة إلى الغفلة و الفسق و الفجور أقوى من أداء الغناء إليها بل لا يتفق كونه سببا محركا أو موصلا إليها إلا نادرا فتدبر

قوله و رواية عبد الأعلى

السابقة قد اشتملت الرواية المذكورة على تفسير قول الزور بالغناء و على تفسير لهو الحديث (أيضا) به ففي الوسائل عن معاني الأخبار مسندا الى عبد الأعلى قال سئلت جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن قول اللّه عزّ و جلّ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ قال الرجس من الأوثان الشطرنج و قول الزور الغناء قلت قول اللّه عز و جلّ وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قال منه الغناء

قوله و قد يخدش في الاستدلال بهذه الرّوايات بظهور الطائفة الاولى بل الثانية في ان الغناء من مقولة الكلام

عطف الثانية بلفظة بل مبنى على احتمال ان يراد بذم لهو الحديث ذم وصفه بان يكون المذموم نفس الوصف بمعنى إيجاد الكلام على وجه اللهو و امّا ان جعل من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف بمعنى الحديث اللهوية كما يذكره (المصنف) (رحمه الله) (فحينئذ) يدلّ على ذم الكلام الذي أنصف بكونه ملهيا فلا يدلّ على ذم نفس الكيفيّة

قوله و يشهد له قول على بن الحسين (عليه السلام) في مرسلة الفقيه الاتية في الجارية التي لها صوت لا بأس لو اشتريتها فذكرتك الجنة يعني بقراءة القران و الزهد و الفضائل التي ليست بغناء

وجه الشهادة ان اسم ليس ضمير يعود الى الموصول الذي هو عبارة عن الفضائل و خبرها الغناء و معلوم ان ليس من نواسخ المبتدإ و الخبر فلا بد من صحة حمل خبرها على اسمها و معلوم (أيضا) ان الفضائل من جنس الكلام فيحصل من ذلك انه استعمل الغناء في الكلام ثمّ ان ظاهر كلام (المصنف) (رحمه الله) بل صريحة هو ان الأظهر عنده كون لفظة يعنى و ما في حيّزها الى أخر الكلام من الامام (عليه السلام) و يزيد في وضوح دلالته على ذلك قوله (رحمه الله) بعد هذا و لو جعل التفسير من الصدوق دلّ على الاستعمال اى استعمال الغناء في هذه العبارة في الكلام حيث انه (رحمه الله) صدر الكلام بلفظة لو و لكن ظاهر لفظة يعنى بصيغة الغائب بل صريحها هو كونها من كلام الصدوق (رحمه الله) و هذا هو الّذي استظهره في الوافي حيث قال بعد ذكر الحديث في البيان الذي عقبه به ما لفظه (الظاهر) ان هذا التفسير من كلام الصدوق (رحمه الله) انتهى

قوله حيث ان مشاهد الزّور التي مدح اللّه تعالى من لا يشهدها هي مجالس التغني بالأباطيل من الكلام

و قد علم كون تلك المجالس مجالس التغني بالأباطيل من الكلام في الخارج و قد مدح اللّه من لا يحضر تلك المجالس المعهودة هذا و لكن يبقى هنا شيء و هو ان المشاهد ليس لها ذكر في الآية فمن أين أتى (المصنف) (رحمه الله) بهذا البيان و جوابه ان ذلك مأخوذ مما قيل في تفسير الآية قال في الوافي بعد ذكر الأخبار الواردة في تفسير قوله (تعالى) وَ الَّذِينَ لٰا يَشْهَدُونَ الزُّورَ قيل لا يشهدون الزور اى لا يحضرون محاضر الباطل و لا يقيمون الشهادة الباطلة ثم قال أقول بناء الحديث على المعنى الأول و يؤيده مجيء الزور بمعنى مجلس الغناء كما مر انتهى و أشار بقوله كما مر الى ما قدم ذكره من حكاية تفسير الزور بمجلس الغناء عن القاموس أقول ظاهر عبارة (المصنف) (رحمه الله) يعطى انه لا يريد تفسير الزور بمجلس الغناء و الا كان اللازم ان يقول مشاهد الغناء بدل قوله مشاهد الزور فالأقرب أن يقال انه يستفاد ذلك من لفظ يشهدون لان معناه يحضرون و الحضور لا بد له من محضر

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست