responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 99

قوله سئلت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الغناء و قلت انهم يزعمون ان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) رخص في ان يقال جئناكم جئناكم حيونا حيونا نحيكم

هذه كلمات كان يتغنى بها قبيلة إذا وردت على اخرى فقولهم جئناكم اخبار عن مجيئهم و جئناكم الثاني تكرير للاوّل بلفظه و قولهم حيونا أمر بالتحية خطابا للجماعة و حيونا الثاني تكرير له بلفظه و قولهم نحيكم وعد بالتحية لمخاطبيهم

قوله فقال كذبوا ان اللّه عزّ و جلّ يقول وَ مٰا خَلَقْنَا السَّمٰاءَ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا لٰاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا إِنْ كُنّٰا فٰاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبٰاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذٰا هُوَ زٰاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمّٰا تَصِفُونَ ثم قال ويل لفلان ممّا يصف رجل لم يحضر المجلس

قال في الوافي في البيان الذي عقب به الحديث ما لفظه في نسخ القران الموجودة في هذا الموضع ما خلقنا السّماء و الأرض قيل من لدنا اى من جهة قدرتنا فانا قادرون على ذلك ثمّ استعار لذلك القذف و الدمغ تصويرا لإبطاله و إهداره و محقة فجعله كأنّه جرم صلب كالصخرة مثلا قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه انتهى و في المجمع ما نصه قوله تعالى فَيَدْمَغُهُ اى يكسره و أصله ان يصيب الدّماغ بالضّرب و هو مثل و الدامغ المهلك من دمغه دمغا اى شجه بحيث يبلغ الدّماغ فيهلكه و دمغته دمغا من باب نفع كسرت عظم دماغه في الشجة انتهى و الّذي يظهر لي ان ذكر الآية في الحديث توطئة لما بعدها من قوله (عليه السلام) ويل لفلان ممّا يصف و لفظة فلان كناية عمّن حكى عنه الراوي انه زعم ان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) رخص في القول المذكور و قوله (عليه السلام) رجل لم يحضر المجلس خبر مبتدإ محذوف اى هو رجل و معناه ان الزاعم لذلك رجل لم يحضر مجلس ترخيص رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) فوصفه للترخيص رجم بالغيب

قوله و رواية محمّد بن ابى عباد و كان مشتهرا بالسّماع و يشرب النبيذ قال سئلت الرضا (عليه السلام) عن السّماع فقال لأهل الحجاز فيه راى و هو في حيّز الباطل و اللهو أ ما سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً

و في نسخة الوسائل المصححة على نسخة المؤلف و كان مستهترا بدل قوله و كان مشتهرا و لا يخلو عن مناسبة للمقام على ما فسّره به في المصباح حيث قال و استهتر اتبع هو (انتهى) فلا يبالي بما يفعل انتهى و في المجمع ما نصه و في الدعاء المستهترون بذكر اللّه اى المولعون به و فلان مستهتر بالشراب اى مولع به لا يبالي انتهى و قوله (عليه السلام) لأهل الحجاز فيه راى يحتمل ان يكون المراد به ان لهم اعتقادا به و عدي الرأي بفي لتضمين معنى الرغبة فيكون الجار متعلقا بالرأي و يحتمل ان يكون المراد ان لهم رأيا و هوى من عند أنفسهم كما يقال أصحاب الرأي على أهل القياس و الاستحسان و هذا ألصق بقوله و هو في حيّز الباطل فقد أراد (عليه السلام) ان لهم فيه رأيا و هوى من عند أنفسهم و هو بمقتضى الشرع في حيّز الباطل

قوله و الغناء من السّماع كما نص عليه في الصّحاح

فسّر الغناء بالسّماع لكونه معروفا عند أهل العرف كما سيصرح هو (رحمه الله) به في كلامه قال في الصّحاح في مادة (غ ن ى) و الغناء بالكسر من السّماع و قال في مادة (س م ع) و المستمعة المغنية انتهى

قوله و ظاهر هذه الاخبار بأسرها حرمة الغناء من حيث اللهو و الباطل فالغناء و هو من مقولة الكيفية للأصوات كما سيجيء ان كان مساويا للصوت اللهوي و الباطل كما هو الأقوى و سيجيء فهو و ان كان أعم وجب تقييده بما كان من هذا العنوان كما انه لو كان أخص وجب التعدي عنه الى مطلق الصوت الخارج على وجه اللهو و بالجملة فالمحرم هو ما كان من لحون أهل الفسوق و المعاصي التي ورد النّهى عن قراءة القران بها سواء كان مساويا للغناء أو أعم أو أخص مع ان (الظاهر) ان ليس الغناء الا هو

اعلم ان لفقهائنا (رضي الله عنه) في تعيين موضوع الغناء مسالك أحدها الرجوع فيه الى العرف من دون اعتبار شيء من القيود الّتي اعتبرها جماعة من الترجيع و الطرب و نحوهما و ممن سلك هذا المسلك فقيه عصره (رحمه الله) في شرح القواعد قال و الغناء من مقولة الأصوات كما يظهر من كثير من اللغويين و الفقهاء أو من كيفيّاتها كما يظهر من الأكثر من الجانبين و لعله الأقوى و ليس اختلاف كلامهم في تفسيره حيث قيل مد الصوت أو ترجيعه أو اطرابه أو تحسينه أو رفعه و موالاته و مدّه و تحسينه أو مدّه و توجيه أو تحسينه و ترقيقه أو ترجيعه و اطرابه الى غير ذلك أو الصوت مقيّدا بالطّرب أو الرفع و الموالاة أو الترجيع و الإطراب الى غير ذلك مبنيا على التعارض حتى ينظر في التعادل و يرجح الأكثر لولا بصر؟؟؟ أو على الجمع فيؤخذ بالجامع للصفات لانه المتيقن و الأصل جواز ما عداه أو الجميع عملا بقول المثبت فيما أثبته و ردا للنافى فيما نفاه بل انّما قصدهم كما لا يخفى على من مارس كلامهم في بيانهم لمعاني الألفاظ الشائعة المشهورة الدوران حول العرف و الإشارة اليه و بيان المعنى العام ليحترز عن إدخاله في جنس أخر كبيان ان الغناء من مقولة الأصوات أو كيفياتها و سعدانة من قبيل النبات و نحو ذلك و لذا لا ترى بينهم معركة و نزاعا مع اختلاف العبارات و تفاوت الكلمات فلم يبق سوى الرجوع الى العرف الذي هو المرجع فالمفزع فيفهم المعاني من المباني و هو لا يكال بمكيال و لا يوزن بميزان فقد نراه يرى تحقق الغناء في صوت خال عن الحسن و الرقة مشتملة على الخشونة و الغلظ و في خال عن المد مشتمل على التقطيع و التكسير و في خال عن الترجيع متصف بالخفاء و في مهيج للطرب بمعنى الخفة المقرونة بالانشراح و اللذة و في مقرح للفؤاد مهيج على على البكاء للعشاق الى غير ذلك فليس للفقيه الماهر سوى الرجوع اليه و التعويل عليه و لو فرض ثبوت معنى اللغوي كان الرجوع الى العرف ايضا و إذا أشكلت عليه الأمور لاضطرابه رجع الى أصل إباحته ان كان من أهلها و إلى الأخذ بحائطته إن كان من أهلها هذا كلامه (رحمه الله) و سبقه الى مثله غيره قال المحقق الأردبيلي (رحمه الله) و رده بعض الأصحاب إلى العرف فكلّ ما يسمى به عرفا فهو حرام و ان لم يكن مشتملا على الترجيع و لا على الطرب دليله انه لفظ ورد في الشرع تحريم معناه و ليس يظهر له معنى شرعي مأخوذ من الشرع فيحال على العرف و (الظاهر) انه يطلق على مد الصوت من غير طرب فيكون حراما إذ يصحّ تقسيمه الى المطرب و عدمه بل و لا يبعد إطلاقه على غير المرجع و المكرر في الحلق فينبغي الاجتناب هذا ما أردنا نقله من كلامه (رحمه الله) و في (المسالك) و رده بعضهم الى العرف فما سمى فيه غناء يحرم و ان لم يطرب و هو حسن انتهى ثانيها انه عنوان خاص بينه الفقهاء و أهل اللغة و ان وقع الخلاف في تعيينه قال في جامع المقاصد و المراد به على ما في (صلى الله عليه و آله و سلم) مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب و ليس مطلق مد الصوت محرما و ان مالت القلوب اليه ما لم ينته الى حيث يكون مطربا بسبب اشتماله على الترجيع المقتضى لذلك انتهى و في (المسالك) الغناء بالمد مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب فلا يحرم بدون الوصفين اعنى الترجيع مع الاطراب و ان وجد أحدهما كذا عرفه جماعة من الأصحاب هذا كلامه (رحمه الله) و في شرح الإرشاد للمحقق الأردبيلي (رحمه الله) قيل هو بالمد مد صوت الإنسان المشتمل على الترجيع المطرب و (الظاهر) انه لا خلاف (حينئذ) في تحريمه و تحريم الأجرة عليه و تعلمه و تعليمه و استماعه و رده بعض الأصحاب إلى العرف الى ان قال و الأول أشهر و لعل وجهه ان الذي علم تحريمه بالإجماع هو مع القيدين و بدونهما يبقى على أصل الإباحة ثمّ قال و لكن مدلول الأدلة أعم مثل المغنية ملعونة و ملعون من أكل ثمنها ثمّ ذكر جملة من الاخبار ثم قال و لكن ما رأيت رواية صحيحة صريحة في التحريم إلى أخر العبارة التي قدمنا

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست