responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 36

قال (عليه السلام) في ذيله و أعلمهم إذا بعته لان ظاهر الأمر المطلق انما هو الوجوب النفسي لا غير

قوله فإن الغاية للإعلام ليس هو تحقق الاستصباح إذ لا ترتب بينهما شرعا و لا عقلا و لا عادة بل الفائدة حصر الانتفاع فيه بمعنى عدم الانتفاع به في غيره

يعنى ان معنى قوله ليستصبح به ليس ما يرادف قولنا ليتحقق الاستصباح منه قهرا بل معناه من جهة كونه فعلا اختياريا و كون المنفعة التي لا مبغوضية فيها عند الشارع هو الاستصباح انما هو بيان انه لا ينتفع به انتفاعا اختياريا إلا في المنفعة المباحة فالاستصباح كناية عن الانتفاع الاختياري المباح فافهم

قوله ففيه إشارة إلى وجوب اعلام الجاهل بما يعطى إذا كان الانتفاع الغالب به محرما يجب تعلم عادة وقوعه في الحرام لو لا الإعلام فكأنه قال أعلمه لئلا يقع في الحرام الواقعي بتركك لاعلامه

لا يخفى ان الحكم بوجوب الإعلام بنجاسة الدهن المتنجس ليس محلا للتوقف عملا بالأخبار الواردة في موردها الذي وردت فيه و انّما الكلام إذا باع شيئا ممّا عداه من المتنجسات من مأكول أو ملبوس أو غيرهما ممّا يباشره المشترى برطوبة فيقع في ملاقاة النجاسة الواقعية مع جهله بها أو يصلّى فيه فتقع صلوته في المتنجس الواقعي فهل يجب على البائع اخباره و مثل البيع غيره من وجوه النقل الى غيره الّذي ذهب إليه العلامة (رحمه الله) في التذكرة انما هو وجوب الاعلام قال في ذيل المسئلة الاولى من مسائل اشتراط الطهارة في العوضين في البيع ما نصه و ما عرضت له النجاسة ان قبل التطهير صح بيعه و يجب إعلام المشتري بحاله و ان لم يقبله كان كنجس البعض انتهى و قد أشار (المصنف) (رحمه الله) بهذا الكلام الى موافقته و انه يجب على كل من يعطى المتنجس غيره اعلامه بنجاسته إذا كان جاهلا بها سواء كان الإعطاء على وجه البيع أو الهبة أو غيرهما من وجوه الإعطاء و استفاد ذلك من الخبر الدال على وجوب الإعلام بنجاسة الدهن المتنجس بتقريب ان الأمر بالإعلام في الدهن انما هو لغرض ترك الأكل و فعل الاستصباح و ليس ذلك الا من جهة ان الأكل لما كان من جملة ما هو مبغوض للشارع محظور عنده في الواقع فكأنه قال أعلمه لئلا يقع بإعطائك إياه و تركك الإعلام بحاله في المحرم الواقعي و (حينئذ) فيحصل من الخبر قاعدة كلية و هي ان كل مورد صار إعطاء المعطى مع تركه الاعلام سببا و مقتضيا للوقوع فيما هو محرم في الواقع وجب عليه الاعلام و انما اقحمنا لفظ الإعطاء في بيان الضابط ليصير وافيا بالفرق بين ترك الاعلام مع الإعطاء كما هو مقصودنا بالبحث و بين تركه بغير إعطاء و هو الّذي حكى عن العلامة (رحمه الله) الحكم بوجوب الاعلام فيه ورده فلا يرد الثاني نقضا على الضابط و يكون إدخال باء السّببية في قوله تركك باعتبار كونه مما له دخل في تأثير السّبب بمعنى المقتضى الذي هو الإعطاء في وجود مسبّبه الذي هو الوقوع فيما هو محرم واقعي و الا فلا فرق بين نفس الترك هيهنا و بينه في الثاني لأنه ليس سببا في شيء منهما لأن العدمي ليس صالحا للتأثير في الوجود مع ان (المصنف) (رحمه الله) قال في مقام التعبير عن الثاني بل قد يقال بوجوب الاعلام و ان لم يكن منه تسبيب و معلوم انه لو كان السببية للترك كان محققا هناك فلم يكن لنفى التسبيب وجه فالضمير في قوله منه عائد إلى المكلف و عدم التسبيب انما هو بعدم الإعطاء و بما ذكرنا من معنى السببية في الباء يرتفع ما يتوهم في بادئ الرأي من المنافاة بين إثبات التسبيب هنا و ما افاده الباء الداخلة على الترك من معنى السببية و بين ما سيصرح به في الأمر الرابع من كون سكوت العالم عن اعلام الجاهل فيما نحن فيه شرطا هذا و للتأمل فيما أفاده (رحمه الله) مجال إذ لقائل أن يقول بعد الإغماض عن ظهور كون الحكم تعبديا غير معلوم الوجه مختصا بمورده بحيث لا يصلح للتعدي عنه الى غيره انه بعد البناء على التعدي عن مورده لا وجه للتعدي الى كل ما يعطى من ملبوس و فراش و غطاء و وطاء و مأكول و مشروب و غير ذلك من المتنجسات التي يلزمها مباشرة الآخذ لها برطوبة أو يلزمها الوقوع في المحرم الواقعي مع عدم الاعلام كالصّلوة في اللباس و السجود على ذلك المأخوذ ان كان مما يصح السّجود عليه لجواز اختصاص الأكل بما لا يجري في غيره فإن أكل المتنجس من حيث كون المأكول يصير جزء من البدن يورث قسوة القلب و عدم استجابة الدعاء و نحو ذلك مما لا يرفعه الطريق الظاهري الذي هو مأمور به بالفعل من أصالة الطهارة و نحوها و هذا بخلاف مثل الصّلوة و السّجود و نحوهما مما يكفى فيه الطريق الظاهري الذي هو مأمور به بالفعل الا ترى انه لو صلّى في لباس متنجس غير مسبوق بالعلم بنجاسته بحكم أصالة الطهارة أو استصحابها ثم تبين انه كان متنجسا في حال الصّلوة كانت صلوته صحيحة عند الأكثر و منهم (المصنف) (رحمه الله) فلو كان الوقوع في خلاف الواقع قادحا في جميع المقامات كان اللازم عليه إعادة الصّلوة لانه صلّى في النجاسة الواقعية فالحاصل انه بعد البناء على التعدي لا بد و ان يقتصر على وجوب الإعلام بالنجاسة في خصوص ما يراد اكله دون غيره كيف لا و المستفاد من الاخبار الناطقة بالأمر بالإعلام و هو التنزه عن الأكل و لا أقل من كونه هو القدر

المتيقن فلا يتعدى في وجوب الإعلام الى غير المأكول

قوله مثل ما دل على ان من افتى الناس بغير علم لحقه وزر من عمل بفتياه

يعنى ان الوزر الذي كان يلحق العامل بتلك الفتيا لو كان عالما بمخالفتها للواقع يلحق المفتي لا يخفى عليك ان في دلالة هذا النوع من الاخبار على ما حاول (المصنف) (رحمه الله) الاستدلال به عليه نظرا لأن أصل الفتوى بغير علم مما هو مبغوض عند الشارع و ليس مبغوضيتها من باب الوقوع في خلاف الواقع و لهذا كان الفتوى بغير علم مجرمة حتى لو طابقت الواقع و يدل على هذا إطلاق ما رواه مفضل بن يزيد قال قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال أنهاك أن تدين للّه بالباطل و تفتي الناس بما لا تعلم و يؤيده ما رواه في الفقيه عن الصادق (عليه السلام) من ان القضاة أربعة ثلثه في النار و واحد في الجنة رجل قضى بجور و هو يعلم فهو في النار و رجل قضى بجور و هو لا يعلم فهو في النار و رجل قضى بحق و هو لا يعلم فهو في النار و رجل قضى بحق و هو يعلم فهو في الجنة

قوله و مثل قوله (عليه السلام) ما من امام صلى بقوم فيكون في صلوتهم تقصير الا كان عليه أوزارهم

لا بد و ان يراد بالتقصير تقصير الامام يصحّ به صلوتهم في الواقع مثل ان يصلّى بهم بغير وضوء أو يحدث في الثناء أو ينوي الرياء أو يصلّى في لباس مغصوب أو متنجس و نحو ذلك لا التقصير الصادر من المأمومين مثل ان يصلوا بغير وضوء أو يحدثوا في الأثناء أو نحو ذلك إذ لا يصير الامام على الثاني سببا في تقصيرهم فلا يطابق الحديث المقصود الّذي سيق للاستدلال به عليه و (الظاهر) انه (رحمه الله) ذكر الروايتين أخيرتين لإفهام هذا المعنى لان قوله (عليه السلام) فيكون في صلوته و صلوتهم تقصير ظاهر في ان يفعل الامام فعلا يوجب قصور صلوته و صلوتهم و قوله (عليه السلام) لا يضمن الامام صلوتهم الا ان يصلى بهم جنبا يدل على ان التقصير من الامام من حيث ان الصّلوة بهم جنبا فعله لا فعل المأمومين هذا و لا يخفى ما في دلالة الخبر المذكور من التأمل لأنه لا بد من تقييده و تقييد ما بعده بالخبر الأخير من جهة صراحته في حصر الضمان في الصّلوة بهم جنبا و (حينئذ) فيكون مدلول الاخبار الثلاثة انحصار الضمان و حمل الوزر و الإثم في الصّلوة بهم جنبا فيكون غير ذلك ممّا لا وزر فيه و لا اثم فلو صلّى بهم بغير وضوء أو غير ذلك لم يكن عليه وزرهم و إثمهم و يكون الانحصار في خصوص مورد خاص دليلا على كونه بخصوصه مما فيه مفسدة فلا يسرى الحكم الى مطلق السّببية للوقوع في خلاف الواقع فلا يتم ما رامه (رحمه الله)

قوله فان في كراهة ذلك في البهائم إشعارا بحرمته بالنسبة إلى المكلف

لا يخفى ان مجرد الاشعار لا ينهض دليلا بعد سقوط غيره مما عرفت من مرتبة الدلالة

قوله و يؤيده ان أكل الحرام و شربه من القبيح و لو في حق الجاهل

ما ذكره من ثبوت القبح في الواقع لما هو محرم في الواقع حق و ما استشهد به من حديث الاحتياط مما لا ريب فيه الا انا نمنع من حرمة التسبيب لوقوع المكلف في الحرام الواقعي عند قيام طريق ظاهري في حقه يوجب الإباحة بالنسبة إليه في مرحلة الظاهر

قوله ثانيها ان يكون فعله سببا للحرام كمن قدم الى غيره محرما و مثله ما نحن فيه

لا ريب في ان المراد مما نحن فيه هنا انما هو الإعطاء لا ترك

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست