responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 135

إذا استوفى حقه منه كاملا حتى صار كل على النصف سواء

و على ان لا يشفي غيظه الا بفصيحة نفسه

الفضيحة يستعمل بمعنى العيب و بمعنى كشفه و الأوّل انسب هنا و المراد ان اللّه (تعالى) أخذ ميثاق المؤمن على ان لا يشفي غيظه الحاصل من إيذاء الخصوم إياه بعيب نفسه بان يقول انا معيوب ناقص مقصر في جنب اللّه غير مراع حقوق إخواني المؤمنين مثلا و ان ذلك صار سببا لابتلائى بما ابتليت و لا يشفي غيظه بعيب الخصوم و ذكر مساويهم و إشاعة قبايحهم

لأن المؤمن ملجم

يعنى ان فاه محدود بحد ليس له ان يتكلم بهوى النفس فهو علة للعقد السّلبي من الحصر

و ذلك لغاية قصيرة و راحة طويلة

للفظ الغاية معنيان أحدهما العلة التي يقع لأجلها الشيء و ثانيهما المسافة و وصفها بالقصر يقتضي إرادة المعنى الثاني فيكون اللام للظرفية على حد قوله (تعالى) وَ نَضَعُ الْمَوٰازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيٰامَةِ لا يجليها لوقتها الا هو و قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطبة الشقشقية حتى مضى الأوّل لسبيله لكن يأبى عن ذلك عطف قوله راحة طويلة على مدخولها فالأولى ان يقال ان الغاية بمعنى العلة و اللام للتعليل فالمعنى ان ذلك اى كون المؤمن مأخوذا عليه المواثيق المذكورة لعلة قصيرة هي كون المؤمن في أذى في الدنيا و وصفها بالقصر باعتبار قصر زمانها و عطف الراحة الطويلة للدلالة على كون الأذى اليسير مجبورا بالراحة الطويلة

و الشيطان يقويه و يمقته و السّلطان يقفو أثره

(الظاهر) ان تغيير أسلوب الكلام بتعريف الشيطان و السّلطان للإيماء الى ان الشيطان و ما بعده ليسا معطوفين على لفظ مؤمن المنكر حتى يكون أيسر الأشياء أربعة المؤمن و الشيطان و السّلطان و الكافر إذ لا أشد منها فلا يجوز ان يقال انها أيسر الأمور التي أخذ ميثاق المؤمن عليها و مجموع هذه الجملة عطف على قوله أيسرها مؤمن و كذا الحال في قوله و السّلطان يقفو أثره فإن السّلطان مبتدإ و يقفو أثره خبره و كذا

قوله كافر بالذي هو مؤمن به

مبتدإ سوغ الابتداء به مع كونه منكرا تقييده بالظرف و

قوله يرى سفك دمه (انتهى)

خبره فما ذكر كله من قبيل الجمل المتعاطفة و حاصل هذا الكلام مع ما قبله هو ان أيسر الأمور الّتي أخذ عليها ميثاق المؤمن هو مؤمن يؤذيه ثم ان هناك أمور أخر عليها ميثاقه و هو ان الشيطان يريد ان يغويه و السّلطان يبحث عن زلته و الكافر يريد سفك دمه

اشتققت للمؤمن اسما من أسمائي سميته

ان المراد انى أفردت له اسما من أسمائي كما يدل عليه جعل المشتق منه هي الأسماء بصيغة الجمع و الا فالاشتقاق المتعارف انما يكون من كلمة واحدة و المراد بالاسم الذي أفرده اللّه (تعالى) هو اسم المؤمن لأنه من جملة أسمائه (تعالى) الا انه عز شأنه سمى بالمؤمن لأنه يؤمن من عذابه من أطاعه و العبد سمى بالمؤمن لتصديقه بإثباته (تعالى) و إثبات أوصاف الجلال و الجمال و الكمال له

لم يكن ليخذل وليه

الخذلان ترك العون و النصر

أولئك لا خلاق لهم

الخلاق كسلام النصيب يعنى انه لا نصيب لهم من فضل اللّه سبحانه في الدار الآخرة

من قال في مؤمن ما رأت عيناه و سمعت أذناه ما يشينه

قوله ما يشينه بدل من قوله ما رأت و سمعت

و الاعتصام بحبله

(11) قال في المصباح الحبل العهد و الأمان و في المجمع و يسمى العهد حبلا لانه يعقد به الأمان كما يعقد الشيء بالحبل انتهى

و اعلم ان الخلق لم يوكّلوا بشيء أعظم من تقوى اللّه

(12) قال في المجمع في الحديث و كل اللّه الرزق بالحمق و وكل الحرمان بالعقل و وكل البلاء بالصبر كان المراد كل واحد من هذه الثلاثة لا يفارق صاحبه انتهى و على هذا فمعنى قوله لم يوكّلوا بشيء انهم لم يقرنوا بشيء

[المسألة السابعة و العشرون مما يحرم التكسب به لكونه محرما في نفسه هجاء المؤمن]

قوله و في صدرها دلالة على جواز الافتراء و هو القذف على كراهة

(13) أشار الى ان المراد بالافتراء في الحديث هو القذف و ان عطف قوله و يقذفون على قوله يفترون تفسيري و وجه دلالته على الكراهة هو جعل الكف أجمل لكن لا يخفى عليك ان ما يستفاد من كون الكف أجمل انما هو كونه اولى و من المعلوم ان الفعل (حينئذ) يصير خلاف الاولى و ليس كل ما هو خلاف الاولى مكروها اصطلاحيا لكون المكروه الاصطلاحي عبارة عما اشتمل على نوع حزازة و منقصة غير بالغة جدا يلزم تركه فيجوز ان يكون خلاف الاولى مباحا

[النوع الخامس مما يحرم التكسب به]

قوله مما يحرم التكسب به ما يجب على الإنسان فعله عينا أو كفاية تعبّدا أو توصلا

(14) توضيح المراد يتم بالتعرّض لأمور الأول انه قال في (المسالك) انه خرج بما يجب فعله من ذلك ما يستحبّ كتغسيله يعنى الميت بالغسلات المسنونة من تثليث الغسل و غسل بدنه و فرجه و وضوئه على القول بندبه و تكفينه بالقطع المندوبة و حفر قبره قامة مع تأدى الفرض بدونها و نقلها الى ما يدفن فيه مع إمكان دفنه في القريب فإن أخذ الأجرة على ذلك كله جائر للأصل و عدم المانع خلافا لبعض الأصحاب محتجا بإطلاق النهي انتهى و لا يخفى عليك ان المستحبات مما ذكر و غيرها خارجة عن هذا العنوان على تقدير القول بجواز أخذ الأجرة عليها (أيضا) إذ لا يعتبر في خروج أمر عن موضوع العنوان مخالفته له في الحكم (أيضا) الثاني انه اختلفت كلماتهم في تعميم العنوان فأطلق المحقق (رحمه الله) حيث قال ما يجب على الإنسان فعله كتغسيل الموتى و تكفينهم و تدفينهم و مثله العلامة (رحمه الله) و جماعة و معلوم ان هذا الإطلاق يشمل الواجب النفسي و الغيري و التعبدي و التوصلي و العيني و الكفائي و التعييني و التخييري و عمّمه (المصنف) (رحمه الله) الى ما عرفت من العيني و الكفائي و التعبدي و التوصّلي و اقتصر المحقق الأردبيلي (رحمه الله) على تعميمه بالنسبة إلى العيني و الكفائي و مثله في الجواهر حيث قال ما يجب على الإنسان فعله عينيا كان كالصّلوة و الصوم أو كفائيا كتغسيل الموتى (انتهى) لكن في الرياض بعد التعميم على الوجه المذكور قيد الوجوب بالذاتي حيث قال بعد قول المحقق (رحمه الله) أخذ الأجرة على القدر الواجب من تغسيل الأموات و تكفينهم و حملهم و دفنهم و نحوها الواجبات الأخر التي تجب على الأجير عينا أو كفاية وجوبا ذاتيا و أراد بالذاتي النفسي بدليل قوله بعد ذلك و خرج بالذاتي التوصلي كأكثر الصناعات الواجبة كفاية توصلا الى ما هو المقصود من الأمر بها و هو انتظام أمر المعاش و المعاد فان لفظ التوصلي و ان كان يستعمل في مقابل التعبدي الا ان قوله توصلا يعطي ان المراد بالتوصلي انما هو الغيري و قال بعض الأساطين (رحمه الله) في شرحه على القواعد ما يجب على الإنسان فعله وجوبا (مطلقا) أو مشروطا بغير العوض و قد تحقق شرطه لتعلق ملك و حق مخلوقي أو خالقي يحرم الأجرة عليه و الجعل و سائر الأعواض عينيّا كصلاة الفريضة و صوم شهر رمضان أو كفائيا كتغسيل الموتى و تكفينهم و تحنيطهم و الصلاة عليهم و حفر قبورهم و دفنهم و حملهم الى محالها و نحوها من الأعمال الازمة التي تتعلق بالمال الأصلي كما مر أو عارضي بنذر أو عهد و نحوهما انتهى و حاصل الكلام انه أطلق جماعة و قيّد اخرون ثم اختلف كلام المقيدين حيث اعتبر كل منهم في العنوان ما لم يعتبره الأخر و لذلك قال بعض مشايخنا انه يستفاد من ملاحظة مجموع كلماتهم وجوه أحدهما ان محلّ البحث انما هي العبادات فيجوز أخذ الأجرة على غير العبادات (مطلقا) حتى لو كان واجبا عليه عينا و حكى هذا عن جماعة بل حكاه بعضهم عن فخر المحققين (رحمه الله) بل قيل انه ظاهر كل من جوز

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست