حد المعقول الثاني بحسب اصطلاح الفيلسوف، أي ما كان ظرف العروض فيه هو الذهن و ظرف الاتصاف هو الخارج كالامكان و نحوه، و إما أن يكون امراً واقعياً وجودياً، أي معقولًا أولياً بحيث يكون ظرف العروض و الاتصاف معاً هو الخارج كالبياض للجسم، و الحرارة للماء.
و الأول باطل؛ لأن مفهوم الضرورة لا يعقل ان ينتزع من الأمور المتباينة بما هي متباينة بلا جهة جامعة، فالأمور الموصوفة بالحسن مختلفة في ماهياتها و مقولاتها، بل قد يوصف بالحسن الوجود تارة، و العدم أخرى، أي الفعل و الترك، فكيف ينتزع المفهوم الواحد من المتباينات من هذا القبيل.
و الثاني باطل ايضاً؛ لأن الضرورة الخلقية صفة لنسبة الفعل الى السلطنة، فهي إن كانت موجودة في ظرف وجود النسبة أدى ذلك الى عدم اتصاف الفعل الحسن بالحسن إلا بعد وجوده، و هو خلف العقل العملي، و ان ادعي وجودها قبل ذلك فهو محال؛ لأن الصفة لا تكون خارجية قبل خارجية موصوفها، فان ثبوت الشيء لشيء فرع ثبوت المثبت له.
و يرد عليه مضافاً الى ما حققناه في بحوث سابقة من أوسعية لوح الواقع من لوح الوجود الخارجي، و الانتزاع من الوجود الخارجي، انا نختار الشق الاول و لا يلزم المحذور؛ لأن ما به الاشتراك بين مناشئ انتزاع الحسن و الضرورة الخلقية محفوظ، و هو نفس السلطنة، و تحصصات هذه الضرورة بكونها ضرورة الصدق أو الوفاء أو ترك الانتقام تابعة لتحصصات نفس السلطنة، و اضافاتها الى متعلقاتها باعتبارها صفة ذات اضافة، فاندفع المحذور.
و هنا بيان ثالث يذكر في المطولات الكلامية لابطال المدعى ايضاً، و لهذا البيان اصل موضوعي، و هو ان الحسن مثلًا لو كان أمراً واقعياً فهو ذاتي لا مكتسب و معطى من علة خارجية، لأن كل ما بالعرض ينتهي الى ما بالذات.
و بعد فرض هذا الاصل يقال: انه لو كان ذاتياً لكان لا يختلف باختلاف الحالات، و حينئذٍ فاختلاف الصدق و اتصافه بالحسن تارة و بالقبح اخرى يكشف