كون المحال بالذات و هو ارتفاع النقيضين معلولًا لعلة اخرى سواء فرضت ممكنة في نفسها أو لا؟
فيتعين بهذا البرهان لزوم الالتزام بعدلٍ للوجوب و هو السلطنة، ففي مثل هذا الفرض يكون اصل وقوع الجامع بالوجوب و الضرورة لاستحالة ارتفاع كلا فرديه، و يكون تخصصه بأحدهما دون الآخر بالسلطنة، هذا هو البرهان على نحو الاختصار و دمج المقدمات و النتائج و الاشارة، فتدبره جيداً، و احتفظ به الى وقته. هذا تمام الكلام في المقام الأول من الجهة الثالثة و ما يرتبط به.
المقام الثاني [ما يبرهن به على بطلان]
و أما المقام الثاني من الجهة الثالثة فهو في ما يمكن ان يبرهن به على بطلان المدعى، و بهذا الصدد يمكننا ان نذكر برهانين؛ احدهما: برهان أشعري، و الآخر: برهان فلسفي.
1- أما البرهان الاشعري؛ فيتلخص في دعوى عدم اختيارية افعال الانسان له، و ما دامت ليست اختيارية كما هو مقتضى جبر الاشعري فلا تتصف بحسن و لا قبح، و هذا البيان في الحقيقة ليس انكاراً للعقل العملي، و لا برهنة على ابطال الكبرى المدعاة له، بل ان مرجعه الى انكار الصغرى؛ أي انكار التطبيق و الصغرى، و هي أن سلطنة الانسان على افعاله ليست من قضايا العقل العملي، بل هي من قضايا العقل النظري، و ما يرى من النفس كأنها تحكم ابتداءً على افعال الانسان بالحسن و القبح لا يدلل على ان المدرك للعقل العملي هو الانطباق ابتداءً، بل انما ترى النفس هكذا لأنها تأخذ الكبرى من العقل العملي بلا تمعن، و تأخذ الصغرى من العقل النظري بلا تمعن، فتبدو النتيجة و كأنها مطبقة ابتداءً، و إذا رجع البحث الى الصغرى فهو موكول الى مسألة الجبر و الاختيار.
2- و أما البرهان الفلسفي فهو و إن لم يكن مذكوراً في كلمات الفلاسفة حسب ما نعلم، و لكن من الممكن صياغته على ضوء فلسفي و على اساس ذوقهم، فيقال: ان الحسن مثلًا إذا كان أمراً واقعياً انتزاعياً على