و لكن هذا التقريب غير تام و ذلك لأن مولوية الموالي العرفيين مرجعها الى الجعل و الاعتبار، فلا يصح قياس مولوية المولى الحقيقي التي هي مولوية ذاتية بها، و لا يمكن استكشاف حكم المولوية الحقيقية التي ذكرنا في اول بحث القطع ان مرجعها الى حق الطاعة، و ان حق الطاعة روح المولوية الحقيقية و جوهرها، من المولوية العرفية التي مرجعها الى الجعل و الاعتبار. فهذا التقريب غير تام، بل لا بد من ملاحظة الوجدان بالنسبة إلى نفس المولوية الحقيقية رأسا و بلا واسطة المولوية الجعلية.
فنقول: ان الوجدان يحكم بأن العبد اذا جرى على طبق احكام المولى الحقيقي، و لم يصدر منه مخالفة عملية لا يعاقبه، بل لا يصح منه عقابه و ان صدر منه مخالفة التزامية و لم يلتزم بأحكامه مضافا الى تصديقه بها.
و أما التقريب الثالث و هو وجوب الموافقة شرعا فلم يدل دليل عليه من الشرع، نعم الدليل دل على وجوب التصديق بنبوة رسول الله (ص) و التصديق بما جاء به، حيث ان انكاره موجب لانكار اصل نبوته، و أما الزائد على ذلك و هو الالتزام بما جاء به فليس عليه دليل. فتحصل في الجهة الأولى ان الوجوب بانحائه الثلاثة لا دليل عليه.
و أما الجهة الثانية و هي أن الموافقة الالتزامية على تقدير وجوبها هل تكون مانعا عن جريان الأصول العملية فيما اذا لم يلزم من جريانها مخالفة عملية أم لا؟ فلا بد قبل التكلم عنها من بيان الوجه الذي ذكره المشهور لوجوب الموافقة الالتزامية مقدمة لذكر التقرير الذي ذكروه في مانعية الوجوب في الموافقة عن اجراء الأصول، و الجواب الذي ذكروه عنه، فانهم بيّنوا مانعية ذلك الوجه، و أجابوا عنه، و حيث انه ليس أحد الوجوه الثلاثة المتقدمة التي بيّناها فلا بد من ذكره.
و هو أن وجوب الموافقة الالتزامية من تبعات التكليف و كونه على عهدة المكلف، و ان تنجز التكليف يقتضي بان يطبق المكلف اللوحين لوح العمل