responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 542

فالاستناد إلى هذا الاستدلال بهذا العموم قبل النظر في العقد كما ذكرنا مجازفة ظاهرة و منها مصير كثير من المفسرين إلى أن المراد بالآية غير ما يصح معه الاستدلال على صحة المعاملة كما أشار إليه في مجمع البيان فقال اختلفوا في هذه العقود على أقوال أحدها المراد بها العهود التي كانت أهل الجاهلية عاهد بعضهم بعضا فيها على النصرة و المؤازرة و المظاهرة على من حاول ظلمهم أو بغاهم سوءا و ذلك هو معنى الحلف عن ابن عباس و مجاهد و ربيع بن أنس و قتادة و الضحّاك و السري و ثانيها أنها العهود التي أخذ الله سبحانه على عباده بالإيمان به و طاعته فيما أحل لهم أو حرم عليهم عن ابن عباس في رواية أخرى قال ما أحل و حرم و ما فرض و ما حدّ في القرآن كله أي فلا تتعدوا فيه و لا تنكثوه و يؤيّده قوله الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ إلى قوله سُوءُ الدّٰارِ و ثالثها أن المراد بها العقود التي يتعاقدها الناس بينهم و يعقدها المرء على نفسه كعقد الأيمان و عقد النكاح و عقد العهد و عقد الحلف عن ابن زيد و زيد بن أسلم و رابعها أن ذلك أمر من الله سبحانه لأهل الكتاب من الوفاء بما أخذ به ميثاقهم من العمل بما في التوراة و الإنجيل بتصديق نبينا (صلّى اللّه عليه و آله) و ما جاء به من عند الله عن ابن جريح و أبي صالح و أقوى هذه الأقوال قول ابن عباس أن المراد بها عقود الله التي أوجبها على العباد في الحلال و الفرائض و الحدود و يدخل في ذلك جميع الأقوال الأخر فيجب الوفاء بجميع ذلك إلا ما كان عقدا في المعاونة على القبيح فإن ذلك محظور بلا خلاف انتهى و يظهر من الكشاف و تفسير الرازي المصير إلى التفسير الثاني و منها الخبر الذي رواه في الصافي فقال القمي عن الجواد (عليه السلام) أن رسول الله (صلّى اللّه عليه و آله) عقد لعلي (عليه السلام) بالخلافة في عشر مواطن ثم أنزل الله تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين (عليه السلام) و منها أن الخطاب في الآية الشريفة إنما يتوجه إلى المؤمنين و لا يتوجه إلى غيرهم من النساء إلا على قول الشيخ من أن الأصل في نحو الخطاب المزبور الشمول لهن لكنه خلاف التحقيق كما بيّناه و كذا لا يشمل الكفار فلا يمكن التمسك بالآية الشريفة لإثبات صحة العقد الصادر من النساء و الكفار و منها أنه يحتمل أن يكون المراد بالعقود العقود التي صدرت من أولئك المؤمنين قبل نزول الآية الشريفة و ربما كان في لفظ الوفاء إشعار بذلك فإنه ربما يفهم من قول زيد لعمرو أوف بوعدك سبق الوعد على زمن الأمر بوفائه و مع هذا يسقط الاستدلال بالآية الشريفة لعدم معلومية تلك العقود فلعلها مما قام الدليل على وجوب الوفاء به بالخصوص و لا يجوز إلحاق غيرها بها لعدم الدليل حينئذ و هو واضح لا يقال المراد بالعقود العقود التي تتحقق بعد زمن الخطاب و معه يصحّ الاستدلال بالآية الشريفة لأنها حينئذ تشمل جميع ما يمكن أن يصدر منهم و منه العقد المشكوك في صحته و إذا ثبت في حق أولئك المؤمنين يثبت في حقنا لعدم القائل بالفصل بيننا و بينهم في الأحكام الشرعية و لهذا يدعى أن كلما ظهر من خطاب مختص بالحاضرين يثبت في حق الغائبين لأنا نقول هذا ليس بأولى من الاحتمال السّابق بل هو أولى و ذلك لأنه لو حمل العقود على العقود المستقبلة لزم تقييد إطلاق الأمر بالوفاء بصورة وقوعها و الحكم بكون الوفاء واجبا مشروطا كالحج بالنسبة إلى الاستطاعة لظهور أن الوفاء بالعقد إنما يجب بعد تحققه لا مطلقا و إلا لوجب تحصيله كما في الطهارة بالنسبة إلى الصلاة و هو باطل جدا و من الظاهر أن ذلك خلاف الأصل و لا يلزم على تقدير الحمل على العقود الماضية كما لا يخفى فيكون أولى و لا يقال المراد العقود الماضية و المستقبلة معا لأنا نقول هذا خلاف الأصل لما ذكرنا مضافا إلى أنه يلزم أن يكون الأمر بالوفاء بالنسبة إلى العقود الماضية مطلقا و بالنسبة إلى العقود المستقبلة مشروطا فيلزم استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي و المجازي لأن المتبادر من الأمر الإطلاق و غيره خلاف المتبادر ثم لو سلم أن المراد من العقود العقود التي تتحقق منهم بعد زمن الخطاب فنقول لم يعلم كون العقد المشكوك في صحّته منها فلعلّه من غيرها نعم لو لم يكن الآمر عالما بالوفاء بما يتحقق بعد زمن الخطاب من العقود كان أمره بالوفاء بالعقود دليلا

على صحة جميع العقود إذ لو كان بعضها فاسدا مع احتماله لصدوره عن المخاطبين يلزم الإغراء بالجهل و القبيح و هو باطل و لكن الآمر بالوفاء بالعقود هو الله سبحانه و هو عالم بالماضي و المستقبل على حد واحد فلا يلزم ذلك إذ يجوز للحكيم أن يعلّق الحكم المختص ببعض أفراد العام على اللفظ إذا كان عالما بأن المخاطب لا يقدر على ما لا يجوز فيه ذلك أ لا ترى أنه لو قال السيّد لعبده أكرم أولادي و مقصوده إكرام طائفة منهم و لم ينصب قرينة على تعيينهم كان ذلك منه صحيحا إذا كان عالما بأن المأمور لا يقدر إلا على إكرام من هو مقصوده و منها أن المفهوم من قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وجوب الوفاء بمدلول العقد و مضمونه و هو غير ممكن في كثير من عقود المعاملات لأن مضمونها ليس إلا النقل و الانتقال و التمليك و التملك و هو مما لا يمكن الوفاء به لأن المفهوم من الوفاء عرفا هو الإتيان بالشيء الملتزم به و الموعود به و هو غير ممكن التحقق فيما ذكر كما لا يخفى فينبغي تخصيص العقود بالعقود التي مضمونها الوعد بفعل في المستقبل فلا يمكن أن يجعل الآية الشريفة أصلا في المعاملات و منها أن العقد حقيقة في نحو عقد الحبل فاستعماله هذا الأمر القلبي مجاز و عليه يجب حمل العقود على كلما

اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 542
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست