و الثاني: لزوم عدم تعرّضهم للقسم الأوّل من قسمي الأصول و إهمالهم، أنّ هذا القسم ممّا وقع الاتّفاق على الجواز أو عدمه، أو ممّا وقع الخلاف فيه كالمسائل الفرعيّة.
و يمكن الجواب عن الأوّل بأنّ الإطلاق و إن لم يساعد التخصيص، لكن القوّة العاقلة بعد ملاحظة التناقض، و إمكان الجمع بين القولين بالتخصيص، يحكم بالتخصيص؛ و على هذا يمكن رفع التناقض بأنّ ما اختلفوا فيه جواز التجزّي فيه في الفروع، هو القسم الذي لا يستلزم التجزّي في الأصول التجزّي فيه، كما ذكر قبيل هذا.
الثالث: إنّ الجواز الذي اتّفقوا عليه في الأصول هو الجواز العقلي المعبّر عنه بالإمكان، و الجواز الذي اختلفوا فيه في الفروع هو الجواز الشرعي.
و بعبارة أخرى: في الأصول اتّفقوا على الجواز في المقام الأوّل، الذي كان الكلام فيه في الإمكان و الامتناع؛ و في الفروع اختلفوا في الجواز في المقام الثاني و الثالث، الذي كان الكلام فيهما في وجوب عمل المتجزّي بما استنبطه، و صحّة عمل المقلّد به، فلا تناقض لاختلاف الجهة.
و هذا الجواب و إن يرتفع به التناقض أيضا، لكنّه أيضا مناف لإطلاق الكلمات، و مستلزم لإهمال القوم الكلام في المقام الثاني و الثالث في الأصول، و في المقام الأوّل في الفروع، و هذا سهل.
و كيف ما كان، فالتناقض مرتفع من البين، و إن لزم علينا فيه ارتكاب أمور مخالفة للظاهر.
أقول: كان الغرض من تمهيد هذه المقدّمة تخصيص محلّ النزاع بملكة الفقه، و محض رفع التناقض لا يصير سببا للتخصيص، و ذلك لأنّ الأستاد قد اختار من الأجوبة الجواب الثاني، و التزم ما يلزم عليه؛ و لكن للخصم أن يقول: إنّ غاية ما حصل لك من الجواب أن لا تناقض بين الكلامين، و لكن بعد تخصيص المتّفق عليه بقسم من