responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاجتهاد والتقليد المؤلف : الكجوري الشيرازي، محمد مهدي    الجزء : 1  صفحة : 141

لأنّا نقول: لم ندّع الاتّفاق على أنّ الحسن و القبح ذاتيان للأشياء، بل ادّعينا الاتّفاق على تبعيّة الأحكام للصفات الكامنة، و هذا أعمّ من أن يكون الصفات ذاتيّة للأشياء أو بالوجوه و الاعتبار، بمعنى أنّ الصلاة مثلا كانت حسنا فأمر بها الشارع، فسبب الأمر هو الحسن كائنا ما كان، لا أنّه بعد ما أمر صارت حسنا.

أقول: في هذا الإجماع شائبة التقييديّة؛ فتدبّر.

و يدلّ عليه وجوه ثلاثة:

الأوّل: العيان و الوجدان، فإنّ الطبيب لو قال لمن عرضه القولنج مثلا: اشرب الخمر و لا تقلّل الدم، ثمّ اعتقد المريض أنّ المأمور به تقليل الدم و أتى به يضرّه بل يقلّله، و كذا لو اعتقد القدح المملوّ من السمّ ماء فشربه فانّه يهلكه، و أوضح منها في المثال لما نحن فيه ما لو أمر المولى عبده باشتراء اللحم مثلا، فاعتقد أنّه أمره باشتراء الخبز و اشتراه، فإنّ المولى يقول له حينئذ: لم اشتريت الخبز؟ و لو اعتذر إنّى اعتقدت إنّك أمرتني باشتراء الخبز لم يعاقبه، لكن يأمره ثانيا باشتراء اللحم.

و لو كان العلم و الجهل مغيّرين، لما كان كذلك.

الثاني: أنّه لو كان كذلك لزم الدور، بيانه أنّ الأوامر متوقّف على علمه بالتكليف، و العلم بالتكليف متوقّف على تكليفه تعالى، و هو متوقّف على حسن هذا التكليف، فلو كان حسن هذا التكليف متوقّفا على علمه لزم الدور المضمر.

و زائد لي في لزوم الدور نظر باعتبار عدم تسليم توقّف علمه بهذا التكليف على تكليف اللّه، فإنّ العقل حاكم بهذا التكليف؛ سلّمنا، لكن نمنع توقّف تكليفه تعالى بهذا التكليف على حسنه؛ فتأمّل.

الثالث: أنّه لو كان للعلم و الجهل مدخليّة في الحسن و القبح لزم التصويب، فإنّه حينئذ يلزم أن يكون الحسن هو ما فهمه المجتهدون، فيلزم أن يكون الأحكام تابعة لآراء المجتهدين، و ما التصويب إلّا هذا، و قد قام الإجماع و سائر الأدلّة على بطلان التصويب.

اسم الکتاب : الاجتهاد والتقليد المؤلف : الكجوري الشيرازي، محمد مهدي    الجزء : 1  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست