نعم لو قام هو باحيائها واستثمارها لم يجز لغيره ان يزاحمه فيه ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون سبب ملكيته للأرض عملية الاحياء ، أو غيرها ، ضرورة ان الشرع لا يسمح لأي أحد احتكار الأرض بعد موتها ، وخرابها ، واهمالها مهما كان السبب في حصوله عليها . واما ما عن الشهيد ( قده ) في المسالك من أن الأرض التي قام باحيائها واستثمارها فرد إذا كان أصلها مباحا ، فإذا تركها عادت إلى ما كانت عليه ، وصارت مباحة ، كما كانت كذلك ، وإن العلة في تملك هذه الأرض الاحياء والعمارة . فإذا زالت العلة زال المعلول طبعا ، ولا يعقل بقاؤه . فهو لا يتم على القول بكون الاحياء موجبا لتملك المحيى لرقبة الأرض . وذلك لأن الملك الذي يحصل عليه الفرد وإن كان هو نتيجة الاحياء ، ومعلولا له شرعا ، الا انك عرفت ان الارتكاز القطعي لدى العرف قائم على أنه لا يدور مداره حدوثا وبقاء ، بل الملك ظل ، وان زالت علته بقاء . نعم ما أفاده ( قده ) انما يتم على القول بكون الاحياء موجبا لعلاقة المحيى بالأرض على مستوى الحق فحسب ، كما نشير إليه الآن . وعلى الثاني تنقطع صلته عن الأرض نهائيا بعروض الخراب ، لأن الحق الذي يحصل عليه الفرد بسبب عملية الاحياء ، بما انه لدى الارتكاز العرفي متقوم بحياة الأرض ، فبطبيعة الحال إذا زالت الحياة عنها سقط حقه بسقوط علته ، فلا يعقل بقائه مع سقوطها . وهذا الارتكاز هو الفارق بين ما كانت عملية الاحياء موجبة لعلاقة المحيي بالأرض على مستوى الملك ، وما كانت موجبة لعلاقته بها على مستوى الحق ، فإنه قائم على عدم سقوط الملك بسقوط الحياة