بالأمر الخارجي، أي: إذا أعطى الفطرة وأوصل المال إلى مورده نقصت مؤنته في
مفروض المثال وأصبح فقيراً، فالموجب للفقر هو الإعطاء الخارجي، لا الحكم
الشرعي.
و(ثالثاً): لو تنزّلنا عن ذلك وقلنا: إنّ الحكم الشرعي يوجب الفقر في
المثال فلا مانع أيضاً من الحكم بالوجوب عليه، وذلك من أجل أنّ الحكم
بالوجوب من جهة غناه مع قطع النظر عن الحكم الشرعي، أي: من كان غنياً لولا
الوجوب فعليه الفطرة وإن صار بالوجوب فقيراً، وهذا الشخص غني مع قطع النظر
عن الحكم عليه بالوجوب، وإنّما فقره بسبب الوجوب وهو لا ينافي وجوب الفطرة
عليه.
و على كلّ فمقتضى الإطلاقات كون العبرة في وجوب الفطرة تملك مؤنة السنة ولو لم يزد عنها شيء. القول الثاني: ما عن المبسوط من التفصيل بين الغني فعلاً فتجب عليه زكاة الفطرة، والغني بالقوّة كمن تأتيه مؤنته يومياً فلا تجب عليه[1]و ذلك لأنّها لو وجبت عليه لزم أحد الأمرين: إمّا تقديمها على القوت أو الاستدانة لها[2]و الأوّل ساقط قطعاً، والثاني لا دليل عليه.
و(الجواب): أنّه لم يظهر وجه لهذا القول.
[1]لم أعثر في كتاب الفطرة من المبسوط على هذا التفصيل.
[2]لأنّ
المفروض حصول مؤنته يومياً بلا زيادة، والفطرة شيء زائد على ذلك ولا
يملكها فعلاً فلا بدّ من أحد أمرين إن وجبت عليه: إمّا بصرف قوته اليومي في
الفطرة فيبقى بلا قوت في ذلك اليوم، وأمّا الاستدانة للفطرة إن لم يصرف
قوته في الفطرة.