/ الغناء في البيتين الأخيرين لنشو خفيف رمل و أوله:
و يقولان اصطبح معنا
قال الأصبهانيّ: و هذه
القصة كانت لأبي محجن في يوم من أيّام حرب القادسية يقال له: يوم أرماث، و كانت
أيّامها المشهورة يوم أغواث و يوم أرماث و يوم الكتائب و خبرها يطول جدّا؛ و ليس
في كلّها كان لأبي محجن خبر، و إنما ذكرنا هاهنا خبره، فذكرنا منها ما كان اتّصاله
بخبر أبي محجن.
حدّثنا بذلك محمد بن جرير
الطّبريّ، قال: كتب إليّ السّريّ بن يحيى؛ يذكر عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن طلحة
و زياد و ابن مخراق، عن رجل من طيئ قال:
لمّا كان يوم الكتائب
اقتتل المسلمون و الفرس منذ أصبحوا إلى أن انتصف النّهار، فلما غابت [3] الشّمس
تزاحف الناس فاقتتلوا حتى انتصف اللّيل؛ و هذه اللّيلة الّتي كان في صبيحتها يوم
أرماث، و قد كان المسلمون يوم أغواث أشرفوا على الظّفر و قتلوا عامّة أعلام الفرس،
و جالت خيلهم في القلب، فلو لا أنّ رجلهم [4] ثبتوا حتى كرّت الخيل لكان رئيسهم قد
أخذ؛ لأنه كان ينزل عن فرسه؛ و يجلس على سريره، و يأمر النّاس بالقتال؛ قالوا:
فلمّا انتصف اللّيل تحاجز الناس، و بات المسلمون ينتمون منذ لدن أمسوا.
و سمع ذلك سعد فاستلقى
لينام، و قال لبعض من عنده: إن تمّ الناس على الانتماء فلا توقظني فإنهم أقوياء
على عدوّهم؛ و إن سكتوا و سكت العدو فلا تنبّهني فإنهم على السواء؛ و إن سمعت
العدوّ ينتمون و هؤلاء سكوت فأنبهني فإن انتماء العدوّ من السّوء.
/ قالوا:
و لما اشتدّ القتال في تلك الليلة، و كان أبو محجن قد حبسه سعد بكتاب عمر، و قيّده
فهو في القصر، صعد أبو محجن إلى سعد يستعفيه و يستقيله، فزبره [5] و ردّه، فنزل
فأتى سلمى بنت أبي حفصة فقال:
يا بنت آل أبي حفصة، هل لك
إليّ خير؟ قالت: و ما ذاك؟ قال: تخلّين عنّي و تعيرينني البلقاء، فللّه عليّ إن سلّمني
اللّه أن أرجع إلى حضرتك حتى تضعي رجليّ في قيدي. فقالت: و ما أنا و ذاك؟ فرجع
يرسف في قيوده و يقول: