responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 8

إذا قمت عنّاني الحديد و غلّقت‌

مصاريع من دوني تصمّ المناديا

و قد كنت ذا مال كثير و إخوة

فقد تركوني واحدا لا أخاليا

و قد شفّ جسمي أنّني كلّ شارق‌

أعالج كبلا مصمتا قد برانيا [1]

فللّه درّي يوم أترك موثقا

و تذهل عنّي أسرتي و رجاليا

حبيسا عن الحرب العوان و قد بدت‌

و إعمال غيري يوم ذاك العواليا

و للّه عهد لا أخيس بعهده‌

لئن فرجت ألّا أزور الحوانيا [2]

فقالت له سلمى: إني قد استخرت اللّه و رضيت بعهدك، فأطلقته و قالت: أمّا الفرس فلا أعيرها، و رجعت إلى بيتها، فاقتادها أبو محجن و أخرجها من باب القصر الّذي يلي الخندق، فركبها ثم دبّ عليها، حتى إذا كان بحيال الميمنة، و أضاء النّهار، و تصافّ النّاس، كبّر، ثم حمل على ميسرة القوم فلعب برمحه و سلاحه/ بين الصّفّين، ثم رجع من خلف المسلمين إلى القلب فبدر [3] أمام الناس، فحمل على القوم فلعب بين الصّفّين برمحه و سلاحه، و كان يقصف الناس ليلتئذ قصفا منكرا؛ فعجب الناس منه و هم لا يعرفونه و لم يروه بالأمس، فقال بعض القوم: هذا من أوائل أصحاب هشام بن عتبة أو هشام بنفسه. و قال قوم: إن كان الخضر يشهد الحروب فهو صاحب البلقاء. و قال آخرون: لو لا أنّ الملائكة لا تباشر القتال ظاهرا لقلنا هذا ملاك بيننا؛ و جعل سعد يقول- و هو مشرف ينظر إليه-: الطّعن طعن أبي محجن، و الضّبر ضبر البلقاء [4]. و لو لا محبس أبي محجن لقلت: هذا أبو محجن و هذه البلقاء، فلم يزل يقاتل حتى انتصف الليل، فتحاجز أهل العسكرين و أقبل أبو محجن حتى دخل القصر، و وضع عن نفسه و دابّته، و أعاد رجليه في القيد، و أنشأ يقول:

لقد علمت ثقيف غير فخر

بأنّا نحن أكرمهم سيوفا

و أكثرهم دروعا سابغات‌

و أصبرهم إذا كرهوا الوقوفا

و أنّا رفدهم في كلّ يوم‌

فإن جحدوا فسل بهم عريفا [5]

و ليلة قادس لم يشعروا بي‌

و لم أكره بمخرجي الزّحوفا

فإن أحبس فقد عرفوا بلائي‌

و إن أطلق أجرّعهم حتوفا [6]

فقالت له سلمى: يا أبا محجن؛ في أيّ شي‌ء حبسك هذا الرّجل؟ فقال: أما و اللّه ما حبسني بحرام أكلته و لا


[1] الشارق: الشمس حين تشرق، و الكبل: القيد.

[2] لا أخيس بالعهد: لا أنقضه. و الحواني: الخمارات.

[3] في تاريخ الطبري 3- 548 ط. المعارف «فندر أمام الناس»، أي تقدم.

[4] الضبر: جمع القوائم و الوثب.

[5] في تاريخ الطبري 3- 549 ط. المعارف:

و أنا وفدهم في كل يوم‌

فإن عميوا فسل بهم عريفا

[6] في تاريخ الطبري 3- 549 ط. المعارف:

فإن أحبس فذلكم بلائي‌

و إن أترك أذيقهم الحتوفا

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست