responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 149

و أجود بك، فلما جاءت النّوبة إليّ أخذت عودا ممّن كان إلى جنبي و قمت قائما و استأذنت في الغناء، فضحك الرشيد و قال: غنّ جالسا، فجلست و غنّيت لحني الأوّل/ فطرب و استعاده ثلاث مرّات، و شرب عليه ثلاثة أنصاف، ثم غنّيت الثاني، فكانت هذه حاله، و سكر، فدعا بمسرور فقال له: احمل السّاعة مع عبد اللّه عشرة آلاف دينار و ثلاثين ثوبا من فاخر ثيابي، و عيبة مملوءة طيبا، فحمل ذلك أجمع معي.

المعتصم يأمره بالتكفير عن يمينه و الغناء لأصحابه جميعا

قال عبد اللّه: و لم أزل كلّما أراد وليّ عهد أن يعلم من الخليفة بعد الخليفة الوالي أ هو أم غيره دعاني فأمرني بأن أغنّي، فأعرّفه بيميني، فيستأذن الخليفة في ذلك، فإن أذن لي في الغناء عنده عرف أنه وليّ عهد، و إلّا عرف أنه غيره حتى كان آخرهم الواثق، فدعاني في أيّام المعتصم و سأله أن يأذن لي في الغناء، فأذن لي، ثم دعاني من الغد فقال: ما كان غناؤك إلا سببا لظهور سرّي و سرّ الخلفاء قبلي، و لقد همّمت أن آمر بضرب رقبتك. لا يبلغني أنّك امتنعت من الغناء عند أحد، فو اللّه لئن بلغني لأقتلنّك، فأعتق من كنت تملكه يوم حلفت، و طلق من كان يوجد عندك من الحرائر، و استبدل بهنّ و عليّ العوض من ذلك، و أرحنا من يمينك هذه المشئومة، فقمت و أنا لا أعقل خوفا منه، فأعتقت جميع من كان بقي عندي من مماليكي، الذين حلفت يومئذ و هم في ملكي، و تصدّقت بجملة، و استفتيت في يميني أبا يوسف القاضي حتى خرجت منها، و غنّيت بعد ذلك إخواني جميعا حتى اشتهر أمري، و بلغ المعتصم خبري، فتخلّصت منه، ثم غضب عليّ الواثق لشي‌ء أنكره، و ولي الخلافة و هو ساخط عليّ فكتبت إليه:

اذكر أمير المؤمنين وسائلي [1]

أيّام أرهب سطوة السّيف‌

أدعو إلهي أن أراك خليفة

بين المقام و مسجد الخيف‌

فدعاني و رضي عنّي.

/ حدّثني سليمان بن أبي شيخ قال:

دخلت على العبّاس بن الفضل بن الربيع ذات يوم و هو مختلط مغتاظ و ابنه عبد اللّه عنده، فقلت له: ما لك أمتع اللّه بك؟ قال: لا يفلح و اللّه ابني عبد اللّه أبدا. فظننته قد جنى جناية، و جعلت أعتذر إليه له، فقال: ذنبه أعظم من ذلك و أشنع، فقلت: و ما ذنبه؟ قال: جاءني بعض غلماني فحدّثني أنه رآه بقطربّل يشرب نبيذ الدّاذيّ [2] بغير غناء، فهل هذا فعل من يفلح؟ فقلت له و أنا أضحك: سهّلت عليّ القصّة، قال: لا تقل ذاك فإنّ هذا من ضعة النّفس و سقوط الهمّة، فكنت إذا رأيت عبد اللّه بعد ذلك في جملة المغنّين، و شاهدت تبذّله في هذه الحال و انخفاضه عن مراتب أهله تذكّرت قول أبيه فيه.

صنع غناء في شعر لأبي العتاهية و غناه‌

قال: و سمعته يوما يغني بصنعته في شعر أبي العتاهية:


[1] المختار «رسائلي».

[2] الداذي: شراب الفساق. و في ف «يشرب الداذيّ».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست