responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 147

يقول لي: كيف أصب

حت كيف يصبح مثلي!

لما قلت هذا القول، و اللّه لو لم يكن لك شعر في عمرك كله إلا قولك: «كيف يصبح مثلي» لكنت شاعرا مجيدا.

حدّثني جحظة، قال: حدّثني أحمد بن الطّيّب، قال: حدّثني حمّاد بن إسحاق، قال:

سمعت عبد اللّه بن العبّاس الرّبيعيّ يقول: أنا أوّل من غنّى بالكنكلة [1] في الإسلام و وضعت هذا الصوت عليها:

أتاني يؤامرني في الصّبو

ح ليلا فقلت له: غادها

سبب تعلمه الغناء

حدّثني جعفر بن قدامة، قال: حدّثنا عليّ بن يحيى المنجّم، قال: حدّثني عبد اللّه بن العبّاس الربيعيّ، قال:

كان سبب دخولي في الغناء و تعلّمي إياه أنّي كنت أهوى جارية لعمّتي رقيّة بنت الفضل بن الرّبيع، فكنت لا أقدر على ملازمتها و الجلوس معها خوفا من أن يظهر ما لها عندي فيكون ذلك سبب منعي منها، فأظهرت لعمّتي أنني أشتهي أن أتعلّم الغناء و يكون ذلك في ستر عن جدّي، و كان جدّي و عمّتي في حال من الرّقة عليّ و المحبّة لي لا نهاية وراءها، لأنّ أبي توفّي في حياة جدّي الفضل، فقالت: يا بنيّ، و ما دعاك إلى ذلك؟ فقلت: شهوة غلبت على قلبي إن منعت منها متّ غمّا، و كان لي في الغناء طبع قويّ، فقالت لي: أنت أعلم و ما تختاره، و اللّه ما أحبّ منعك من شي‌ء، و إني لكارهة أن تحذق ذلك و تشهر به فتسقط و يفتضح أبوك و جدّك، فقلت: لا تخافي ذلك، فإنما آخذ منه مقدار ما ألهو به، و لازمت الجارية لمحبّتي إيّاها بعلّة الغناء، فكنت آخذ عنها و عن صواحباتها حتى تقدّمت الجماعة حذقا، و أقررن لي بذلك، و بلغت ما كنت أريد من أمر الجارية، و صرت ألازم مجلس جدّي فكان يسرّ بذلك و يظنّه تقرّبا مني إليه، و إنما كان وكدي فيه أخذ الغناء، فلم يكن يمرّ لإسحاق و لا لابن جامع و لا للزّبير بن دحمان و لا لغيرهم صوت إلا أخذته، فكنت سريع الأخذ، و إنما كنت أسمعه مرّتين أو ثلاثا، و قد صحّ لي و أحسست من نفسي قوّة في الصّناعة، فصنعت أول صوت صنعته في شعر العرجيّ:

أماطت كساء الخزّ عن حرّ وجهها

و أدنت على الخدّين بردا مهلهلا

ثم صنعت في:

أقفر من بعد خلّة سرف‌

فالمنحنى فالعقيق فالجرف [2]

/ و عرضتهما على الجارية الّتي كنت أهواها و سألتها عمّا عندها فيهما، فقالت: لا يجوز/ أن يكون في الصّنعة شي‌ء فوق هذا، و كان جواري الحارث بن بُسخُنَّر [3] و جواري ابنه محمد يدخلن إلى دارنا فيطرحن على جواري‌


[1] مي، مد «بالكبكلة». و في المختار «بالكلكلة». و جاء في مقال للأستاذ بهجت الأثري عضو المجمع اللغوي عنوانه «الألفاظ الحضارية و دلالتها التاريخية»؛ الكنكلة: آلة طرب هندية ذات وتر واحد يمر على قرعة فيقوم مقام أوتار العود «عن كتاب فخر السودان على البيضان للجاحظ»، أو لعلها نغمة من نغمات الموسيقى أو آلة من آلات الطرب عرفها العباسيون و استعملوها في أواخر القرن الثاني. و انظر «نهاية الأرب» للنويري 5: 22.

[2] سرف و المنحنى و العقيق و الجرف: مواضع. و في ب «من بعد حلة».

[3] ب «بشخير».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست