عليه، ثم رجعت إلى مجلسها،
فلم ننشب أن سمعنا شحيج بغلة سكينة، فلما استبانها زيد قام فأخذ بركابها، و اختبأت
ناحية، فقامت الديباجة إلى سكينة فتلقّتها و قبّلت بين عينيها، و أجلستها على
الفراش، و جلست هي على بعض النمارق، فقالت سكينة: أشعب و اللّه صاحب هذا الأمر، و
لست لأبي إن لم يأت يصيح صياح الهرة [1] لن يقوم لي بشيء أبدا، فطلعت على أربع
أصيح صياح الهرة [1]، ثم دعت جارية معه مجمر كبير فحفنت منه و أكثرت، و صبّت في
حجر الديباجة، [2] و حفنت لمن معها فصبّته في حجورهن [2] و ركبت و ركب زيد و أنا
معهم، فلما صارت إلى منزلها قالت لي: يا أشعب أ فعلتها؟ قلت: جعلت فداءك، إنما
جعلت لي عشرين دينارا، و قد عرفت طمعي و شرهي، و اللّه لو جعلت لي العشرين دينارا
على قتل أبويّ لقتلتهما، قال: فأمرت بالرحيل إلى الطائف، فأقامت بالطائف و حوّطت
[3] من ورائها بحيطان و منعت زيدا أن يدخل عليها. قال: ثم قالت لي يوما: قد أثمنا
في زيد و فعلنا [4] ما لا يحل لنا، ثم أمرت بالرحيل إلى المدينة، و أذنت لزيد
فجاءها.
/ قال
الزّبير: و حدّثني عبد اللّه بن محمد بن أبي سلمة قال:
جاء أشعب إلى مجلس أصحابنا
فجلس فيه، فمرّت جارية لأحدهم بحزمة عراجين من صدقة عمر، فقال له أشعب: فديتك، أنا
محتاج إلى حطب فمر لي بهذه الحزمة، قال: لا، و لكن أعطيك نصفها على أن تحدّثني
بحديث ديباجة الحرم، فكشف أشعب ثوبه عن استه و استوفز و جعل يخنس [5] و يقول: إن
لهذا زمانا [6]، و جعلت خصيتاه تخطّان الأرض، ثم قال: أعطاني و اللّه فلان في حديث
ديباجة الحرم عشرين دينارا، و أعطاني فلان كذا، و أعطاني فلان كذا، حتى عدّ
أموالا، و أنت الآن تطلبها مني بنصف حزمة عراجين! ثم قام فانصرف.