و يجب اشتمالها على قصد الفعل المعيّن، و القربة، و الوجه دون الرّفع لامتناعه و
الاستباحة لأنه لم يجعل شرعا لإباحة ممنوع منه كالطّهارة المطلوبة للصّلاة لأن
الغسل من جملة أحكام الميّت الواجبة، فوجوبه لنفسه.
و ترتب
التكفين و الصّلاة و الدّفن عليه لا يقتضي كونه مطلوبا لها كسائر الأشياء
المترتّبة، فلو نسي الغسل و صلّى ففي الإجزاء، أو وجوب الإعادة بعد الغسل و
التكفين نظر ينشأ من أنّ الترتيب شرط الصحّة، أو واجب لا غير. و لو دفن بغير غسل،
فان قلنا بعدم النّبش له صلّى عليه بدونه.
و يجب صدور
النّية من الغاسل أعني الصاب للماء، فلو نوى غيره لم يجز و لو اشترك جماعة في
غسله، فان ترتّبوا بأن غسل كلّ واحد بعضا اعتبرت النيّة من كلّ واحد عند أوّل
فعله، لامتناع ابتناء فعل مكلّف على نية مكلّف آخر، و إن اجتمعوا في الصب فالظاهر
اعتبار النيّة من الجميع، لأن التغسيل مستند إلى جميعهم و لا أولويّة، و لو كان
بعضهم يصب الماء و البعض يقلب فالأفضل للمقلب أن ينوي أيضا، و اكتفى في الذكرى
بكون النية منه، محتجا بأن الصّاب كالآلة[1]، و ليس بشيء، لأن
الغاسل حقيقة من يصدر منه الغسل، و حقيقة الغسل ليست أمرا زائدا على إجراء الماء
على المحل.
و يتخير بين
نيّة واحدة و نيات ثلاث عند أوّل كل غسلة، لأنه في المعنى عبادة واحدة، و غسل واحد
مركب من مجموع غسلات تترتب على فعله عدة أمور، فينوي له عند أوّل الغسلات، و في
الصورة ثلاثة أغسال لوجوب الترتيب في أعضاء كلّ مرة، و ثبوت التشبيه بين كلّ مرّة
و غسل الجنابة في النّصوص[2] و كلام الفقهاء فلا
يمتنع إفراد كل غسل بنية عند أوّله.
و لا يجوز
إفراد أبعاض الغسلة بنية كما في سائر الأغسال، و يجب استدامة النيّة حكما إلى
الفراغ، و على ما بيّناه من كونه عبادة يمتنع وقوعه بماء مغصوب، و في مكان مغضوب
كسائر العبادات.