و يمكن أن يجاب بأن ذكر الاستبراء يعيّن كون المراد المنزل، لما أسلفه من اختصاص
الاستبراء به، و حينئذ فالمغتسل- و قد أنزل- لو وجد بللا مشتبها بعد الغسل لا
يلتفت إن كان قد بال و استبرأ، فلا يجب عليه إعادة الغسل، و لا فعل الوضوء اتفاقا،
لانتفاء المقتضي، و لما روي عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام بعدّة طرق من عدم
إعادة الغسل لمن بال قبله[1].
و ما روي من
أن البلل المشتبه بعد الاستبراء لا يكون بولا ينفي الوضوء[2]، و لو
انتفى الأمران أعاد الغسل، لأن الظاهر أن الخارج مني، إذ الغالب تخلّف أجزاء منه
في المخرج، و ظاهر أن خروجه موجب للغسل، و تدلّ عليه عدّة أخبار[3].
و في بعض
الأخبار الاكتفاء بالوضوء[4]، و يظهر من كلام
الصّدوق اختياره[5]، و يشكل بأنّ الظاهر أن الخارج منيّ، و جميع الأصحاب على
خلافه، و في بعضها إطلاق عدم الإعادة[6]، و حملها الأصحاب
على من تعذّر منه البول فاجتهد، و في بعضها عدم إعادة النّاسي[7]، و احتمله
الشّيخ[8] و هو مشكل، فإن الأسباب لا يفترق فيها النّاسي و العامد.
و لو بال و
لم يجتهد فعليه الوضوء، لأن البول يدفع أجزاء المني المتخلّفة فيزول احتماله،
بخلاف بقايا البول، و قد رواه معاوية بن ميسرة عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام[9]، و محمّد
بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام[10]. و لو اجتهد و لم
يبل، فان
[1]
الكافي 3: 49 حديث 2، الفقيه 1: 47 حديث 186، التهذيب 1: 143 حديث 405، 408 و
للمزيد راجع الوسائل 1: 517 باب 36.
[2] الكافي
3: 49 حديث 2، التهذيب 1: 143، 144 حديث 405- 408، الاستبصار 1: 119 حديث 400-
403.
[3] الكافي
3: 19 حديث 1، التهذيب 1: 27 حديث 70، 71.
[4] الكافي
1: 49 حديث 4، الفقيه 1: 47 حديث 186، 187، التهذيب 1: 144 حديث 406، 408،
الاستبصار 1: 118 باب وجوب الاستبراء.