ج: لو وجد
بللا مشتبها بعد الغسل لم يلتفت إن كان قد بال أو استبرأ، و إلّا أعاد الغسل دون
الصلاة الواقعة قبل الوجدان. (1)
فأمّا المنسوخ حكمه و تلاوته، كما روي عن عائشة، أنّه كان في القرآن عشر رضعات
محرمات فنسخت[1]، فلا يحرم مسّه، و كذا المنسوخ تلاوته دون حكمه، كآية
الشّيخ و الشّيخة، و هي: الشّيخ و الشّيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالا من
اللَّه و اللَّه عزيز حكيم[2]، فإنّ حكمها باق و
هو وجوب الرّجم إذا كانا محصنين.
و يوشك أن
يكون بعض ما روي من قراءة ابن مسعود من هذا النّوع، و إنّما لم يحرم مسّ هذين لأن
تحريم المسّ تابع للاسم، و قد خرجا بنسخ التّلاوة عنه، فيبقى على الأصل.
و أمّا
المنسوخ حكمه دون تلاوته فكثير، مثل آية الصّدقة[3]، و آية
وجوب ثبات عشرين لمائتين[4] و نحو ذلك، و تحريم المسّ هنا لصدق اسم
القرآن المقتضي له.
و اعلم أن
«خاصة» في الجملتين منصوب على الحال من حكمه و تلاوته، و إن كان ظاهر اللّفظ قد
يوهم كون صاحبه هو المنسوخ فيهما، و هو باطل لتنافي معنى الجملتين حينئذ، و لفساد
المعنى، و لو وصل هذا بتحريم مسّ القرآن المذكور أولا فقال:
و يحرم مسّ
كتابة القرآن و إن نسخ حكمه، لا إن نسخت تلاوته، لكان أخصر و أحسن و أبعد عن
الوهم.
قوله: (لو وجد
بللا مشتبها بعد الغسل لم يلتفت إن كان قد بال أو استبرأ، و إلا أعاد الغسل دون
الصلاة الواقعة قبل الوجدان).
[1] قد يسأل
عن مرجع الضّمير في (وجد) فيجاب بعدم وجود مرجع صريح، لكن السياق يقتضي عوده إلى
المغتسل أو المجنب، لأنّه المحدّث عنه و لا يستقيم، لأن هذا الحكم إنّما هو للمنزل
دون غيره، فإنّه مع اشتباه الخارج لا غسل عليه قطعا.
[1]
صحيح مسلم 2: 1075 حديث 25، سنن أبي داود 2: 223 حديث 2062، سنن الترمذي 2: 309
باب 3 من الرضاع، الموطأ 2: 608 حديث 17 من الرضاع، سنن الدارمي 2: 157 باب كم
رضعة تحرّم.
[2] رواها
الحاكم في مستدركه 4: 360، و حكاها السيوطي في الإتقان 3: 86.