اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 87
اعتبارات ذهنية، بخلاف
الوجود الخارجى. فانه لا يمكن أن يقال: انه اعتبار ذهنى، و الا لزم أن يقال: انه
لا موجود فى الأعيان، و أن يقال: وجوده فى الأعيان نفس الماهية. فحينئذ يرجع ما
ذكرتم من اجتماع النفى و الاثبات على الشيء الواحد. و هو محال.
و أما الوجود الذهنى.
فجوابه: ان الماهية كما وجدت فى الأذهان عارية عن الوجود الخارجى، فقد وجدت فى
الأعيان عارية عن الوجود الذهنى. و ذلك يوجب التغاير.
الحجة الرابعة: على أن
الوجود زائد على الماهية:
هى أنا فى بداهة العقول
ندرك الفرق بين التصور و التصديق. فالفرق بين قولنا:
السواد. و بين قولنا:
السواد موجود: معلوم بالبداهة. و لذلك فان[3] من قال السواد و سكت، حكم كل عاقل بأنه ما نفى، و ما أثبت، و ما ذكر
كلاما مفيدا. و اذا قال السواد موجود أو غير موجود، فقد نفى، أو أثبت و ادعى و
يطالب على صحة ما ذكره بالحجة.
و لو كان كونه. موجودا هو
نفس كونه سوادا، لما حصل الفرق المذكور المعلوم بالبداهة.
فان قيل: هذا الفرق الّذي ذكرتم واقع بحسب اللفظ، لا بحسب المعنى. فالجواب: انا نعلم بالبداهة أن من
ادعى أن للعالم صانعا، ثم أقام الدليل على دعواه، لم يكن مطلوبة بهذه الحجة نفس
اللفظ، بل المعنى. فسقط ما ذكروه من السؤال.
و احتج من قال: الوجود غير
زائد على الماهية. بأن قال: لو كان الوجود زائدا على الماهية، لكان قيام الوجود
بالماهية. و ان توقف على كون الماهية موجودة، لزم اما كون الشيء مشروطا بنفسه،