اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 88
أو وقوع التسلسل. و ان لم
يتوقف عليه فحينئذ يلزم قيام الصفة الثبوتية بالعدم المحض. و ذلك محال. لأن
المحسوس عندنا من الذوات، ليس الا الصفات. و اذا جوزنا قيام الموجود بالمعدوم، فالجدار
الّذي نشاهده لا نشاهد منه الا لونه و كثافته و ثقله. فاذا لم يبعد قيام الصفة
الموجودة بالمحل المعدوم، لم يبعد أن يكون الموصوف بالكثافة و الثقل و اللون
المخصوص معدوما محضا. و ذلك يقتضي وقوع الشك فى أن ذات الجدار و ذات الانسان. هل
موجودة أم لا؟ و معلوم أن ذلك فاسد.
و الجواب عنه: ان محل الوجود هو الماهية. ثم ان الماهية من حيث هى هى، ماهية
مغايرة للوجود و العدم، فلا يلزم من ذلك قيام الموجود بالمعدوم.
و اذا عرفت هذه المسألة.
فلنرجع الى المقصود. فنقول: أما من قال: وجود كل شيء نفس ماهيته، لزمه القطع بأنه
متى زال الوجود، فقد زالت الماهية، فالقول بأن المعدوم شيء لا يتصور على مذهب هذا
القائل. أما من قال: الوجود زائد على الماهية. فقد اختلفوا فى أنه هل يمكن تقرير
الماهية عند زوال صفة الوجود؟ فمن جوز ذلك قال: المعدوم شيء. و عنى به: أن
الماهية من حيث هى هى، تكون متقررة حال ما لا تكون موجودة. و من لم يجوز ذلك، قال:
المعدوم ليس بشيء.
اذا عرفت هذا، فلنرجع الى
تعيين محل النزاع فى هذه المسألة فنقول: المعدوم. اما أن يكون واجب العدم ممتنع
الوجود، و اما أن يكون جائز الوجود جائز العدم.
أما الممتنع. فقد اتفقوا
على أنه محض، و عدم صرف، و ليس بذات و لا بشيء. و أما المعدوم الّذي يجوز وجوده و
يجوز عدمه، فقد ذهب أصحابنا الى أنه قبل الوجود نفى محض، و عدم صرف، و ليس
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 88