اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 86
فان قيل: هذه الحجة منقوضة
على قول الفلاسفة. فان عندهم وجود البارى سبحانه نفس حقيقته، مع أنا نعقل وجوده و
لا نعقل ماهيته. و أيضا: فانا نتصور أن الوجود ما هو؟ ثم نصدق بأن ذلك المفهوم
حاصل و كائن و واقع. و التصور غير التصديق. فيلزم أن يكون تصديقنا بأن الوجود واقع
و حاصل، دالا على حصول وجود الوجود.
و يلزم منه التسلسل.
و أيضا: فانا قد نعقل ذاتين مع الذهول عن كون أحدهما لازما للآخر، أو ملزوما
له، أو كون أحدهما مؤثرا فى الآخر، أو اثر له، أو كون أحدهما حالا فى الآخر، أو
محلا له. فيلزم أن يكون كون الشيء لازما للآخر، و ملزوما له، و مؤثرا فيه و أثرا
له، و حالا فيه و محلا له. زائدا على الذات. و ذلك محال لافضاء ذلك الى التسلسل.
و أيضا: فهب أن ما ذكرتم
يدل على أن الوجود الخارجى زائد على الماهية. و لكنه لا يفيد أن الوجود الذهنى
زائد على الماهية.
و الجواب: انه اذا صدق على أحد الأمرين كونه معلوما، و على الآخر أنه غير
معلوم: فلو لم يثبت التغير بينهما، لكان قد صدق على الأمر الواحد، أنه معلوم و أنه
غير معلوم. فيلزم اجتماع النفى و الاثبات. و انه محال فى بداهة العقول. و اذا كانت
هذه المقدمة من أقوى البديهيات، كان ايراد النقض عليها تشكيكا فى البديهيات.
فلا يستحق الجواب.
و أيضا: فعندنا أن وجود
اللّه زائد على ماهيته[1]
و أما تصديقنا بأن الوجود قد وقع، فليس المراد منه أن الوجود حصل له وجود آخر، بل
المراد منه: أن الوجود هل حصل للماهية أم لا؟ و هذا عين الدليل الّذي تمسكنا به و
أما حديث اللازمية و الملزومية، و أمثالها. فهى