اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 353
الصارف معارضا بداعية
الشهوة و الحاجة، بقى الصارف خاليا عن معارضة الداعى، فوجب
«3» أن يمتنع الفعل.
الطريق الثانى: هو أنا نثبت هذه المقدمة فى الشاهد ثم نقيس الغائب على الشاهد. أما
اثباتها فى الشاهد. فلأنا اذا قلنا لانسان كامل العقل: ان صدقت أعطيناك دينارا، و
ان كذبت أعطيناك دينارا.
و فرضنا حصول الاستواء بين
الصدق و الكذب، فى جميع منافع الدنيا و الآخرة، و فى جميع مضارهما من المدح و الذم
و الثواب و العقاب، و سهولة التلفظ بتلك اللفظة و صعوبته. فان فى هذه الصورة نعلم
بالضرورة: أنه يرجح الصدق على الكذب. و ذلك يدل على أن جهة الحسن جهة دعاء و جهة
القبح جهة صرف.
و اذا ثبت هذا فى الشاهد،
فنقيس عليه الغائب. و نقول: هذا الترجيح لا بدّ فيه من علة و تلك العلة ليست الا
علمه بأن هذا حسن و ذاك قبيح. لأنا كلما علمناه قبيحا، علمنا هذه المرجوحية. و
كلما علمناه حسنا علمنا هذه الراجحية. فلما دار العلم بأحدهما مع العلم بالآخر
وجودا و عدما، علمنا: أن العلة فى هذا البعث و فى هذا المنع، ليس الا العلم بهذه
الجهة. و اذا كان العلم حاصلا فى حق الله تعالى، وجب أن يترتب عليه هذا البعث و
هذا المنع.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 353