اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 352
و ان لم يفتقر البتة الى
رعاية غرض آخر، فحينئذ تكون موجدية الله تعالى و خالقيته، غنية عن التعليل
بالأغراض و المصالح. و هذا هو المطلوب.
و اعلم: أن هذه الحجة التى
ذكرناها فى اختصاص حدوث العالم بذلك الوقت المعين، عائدة فى اختصاص كل واحد من
الحوادث لوقته المعين.
الحجة الخامسة: قد بينا فى مسألة خلق الأفعال: أنه لا موجد الا الله تعالى، و اذا
كان كذلك، كان الخير و الشر و الكفر و الايمان حاصلا بايجاده و تخليقه و تكوينه. و
اذا كان الأمر كذلك، امتنع توقف كونه تعالى خالقا و موجدا على رعاية المصالح و
الأغراض.
و احتج الخصم على مذهبه:
بأنه تعالى عالم بقبح القبائح، و عالم بكونه غنيا عنه. و كل من كان كذلك، امتنع أن
يكون فاعلا للقبيح.
أما المقدمة الأولى- و هى قولنا: انه عالم بقبح القبائح، و عالم بكونه غنيا عنه- فهذه
المقدمة مبنية على ثلاث مقدمات:
احداها: أن القبائح انما
تقبح لوجوه عائدة إليها.
و ثانيها: انه تعالى منزه
عن جميع الحاجات.
و ثالثها: انه تعالى عالم
بجميع المعلومات و اذا ثبتت هذه المقدمات الثلاث، ظهر أنه تعالى غنى عن فعل كل
القبائح، و أنه تعالى عالم بكونه غنيا عنها.
و أما المقدمة الثانية: و هى أن كل من كان غنيا عن القبائح، و كان عالما بكونه غنيا عنها،
فانه يستحيل أن يفعل القبيح- فقد ذكروا فى تقرير هذا طريقين:
الأول: انا ببداهة العقل نعلم أن جهة القبح جهة صرف عن الفعل، لا جهة دعاء
إليه. فاذا حصل العلم بكونه قبيحا و لم يصر هذا
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 352