اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 333
المسألة الثالثة و
العشرون فى أنه لا يخرج شيء من العدم إلى الوجود إلا بقدرة الله تعالى
اعلم: ان أكثر أرباب[1] الملل يخالفوننا فى هذه المسألة و لو
أطنبنا فى شرح المذاهب و ابطالها، لطال الكتاب الا أنا هاهنا نكتفى بالاختصار.
فنقول: الّذي يدل على صحة
قولنا وجوه:
الأول: ان علة صحة المقدورية هى الامكان، و الامكان حكم مشترك فيه بين كل
الممكنات، و اذا كانت العلة مشتركة فيها، كان الحكم كذلك. فاذن كل حكم[2] الممكنات مشتركة فى كونها بحيث يصح أن
تكون مقدورة لله تعالى. و المقتضى لكونه قادرا على المقدور، هو ذاته. و نسبة الذات
الى الكل على السوية. فلما اقتضت الذات كونه تعالى قادرا على البعض، وجب أن تقتضى
كونه قادرا على الكل.
فثبت: أنه تعالى قادر على
كل الممكنات، فلو فرضنا شيئا آخر يصلح لأن يكون مؤثرا فى الوجود، فعند فرض اجتماع
هذين المؤثرين.
اما أن يقع الأثر بهما، أو
لا يقع بواحد منهما، أو يقع بأحدهما دون الثانى. و الأقسام الثلاثة باطلة، لما مرت
الاشارة إليه فى مسألة التوحيد، و مسألة خلق الأفعال[3] فوجب القطع بأنه لا شيء سوى قدرة الله تعالى يصلح للتأثير و
التكوين.