اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 332
و أما ان قلنا بأن تلك
البديهيات غير تامة فى استلزام المكتسب الأول، فحينئذ لا بد مع تلك البديهيات من
شيء من المكتسبات، فحينئذ يكون ذلك المكتسب مقدما على أول المكتسبات. و ذلك محال.
فثبت و ما ذكرنا: أن جميع العلوم، اما بديهية، و اما أن تكون من لوازم البديهيات.
و شيء منها ليس بمكتسب، فاذن شيء من المعلوم غير مكتسب. و لا شك فى ورود الأمر
بها، لقوله تعالى: فَاعْلَمْ: أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد 19] فثبت: أن تكليف ما لا يطاق لازم على الكل.
الوجه السادس: انه ورد الأمر بتحصيل معرفة الله تعالى.
فنقول: اما أن يقال: انه
توجه هذا الأمر على من يعرف الله، أو على من لا يعرف الله تعالى. فان كان الأول
كان هذا أمرا بتحصيل الحاصل.
و انه محال. و ان كان
الثانى كان هذا توجها لأمر الله تعالى على من لم يكن عارفا بالله تعالى. و الجاهل
بالذات جاهل بالصفات، فاذن هذا الأمر متوجه على شخص لا يمكنه حال بقاء ذلك الأمر:
ان يعرف الآمر و الأمر. و
ذلك عين تكليف ما لا يطاق.
فثبت بهذه الوجوه السنة:
أن تكليف ما لا يطاق لازم على الكل.
و الاستقصاء فى هذا الباب،
مذكور فيما صنفناه فى أصول الفقه.
فان قيل: هب أن هذا الاشكال لازم على الكل. فما الحيلة لنا و لهم فى دفعه؟
قلنا: الحيلة ترك الحيلة، و الاعتراف بأنه يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد، و
أنه لا يسأل عما يفعل و هم يسألون.
و هذا آخر المباحث المحصلة
فى هذا الباب. و بالله التوفيق.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 332