اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 334
الثانى: ان صفة الامكان صفة واحدة فى الممكنات، و انها محوجة الى المؤثر.
فاما أن يقال: الامكان يحوج الى مؤثر معين، أو يحوج الى مؤثر غير معين. و الثانى
محال. لأن ما لا يكون معينا فى نفسه، لا يكون موجودا، و ما لا يكون موجودا استحال
احتياج غيره إليه فى الوجود. فاذن الامكان يحوج الى شيء معين.
و ذلك المعين اما أن يكون
من الممكنات، و اما أن لا يكون. لا جائز أن يكون من الممكنات و الا لكان امكان ذلك
الشيء، يحوجه الى نفسه، و حينئذ يكون موجدا لنفسه. و كل ما كان موجدا لنفسه، كان
واجبا لذاته، فيكون الممكن لذاته واجبا لذاته. و هو محال. و لما بطل أن يكون ذلك
الشيء من الممكنات، ثبت: أنه واجب لذاته. فثبت: أن الامكان يحوج جميع الممكنات
الى الموجود الواجب لذاته، فيكون الواجب لذاته هو المبدأ لوجود جميع الممكنات. و
هو المطلوب.
فان قيل: لم لا يجوز ان يكون الامكان علة للحاجة الى المؤثر، من حيث انه
مؤثر. و المؤثر من حيث هو مؤثر، له ماهية واحدة، بالنوع. و هى لا تمنع دخول أشياء
كثيرة تحتها بالعدد.
و الجواب: لما كان المؤثر من حيث انه مؤثر، مفهوما واحدا، مشتركا فيه بين ذوات
الماهيات المختلفة، يلزم أن تكون المؤثرية لاحقا من لواحق تلك الماهيات المختلفة.
و كل ما كان كذلك، كان مفتقرا الى المؤثر: و يعود التقسيم الأول فيه، و لا ينقطع
الافتقار و الاستناد، الا عند الانتهاء الى الذات. و يجب أن تكون تلك الذات معينة-
كما بيناه- و حينئذ يحصل المطلوب.
الحجة الثالثة- هى مبنية على أصول الحكماء-: هى أن كل ما كان ممكنا لذاته، فهو قابل
للوجود و العدم، فلو كان شيء من
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 334