اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 300
و أما الوجه الثانى فى
تمسكهم بالآية: فنقول: ذلك انما يلزم لو حملنا الادراك على الاحاطة. قلنا: هب أن
الادراك محال على اللّه تعالى، فلم قلتم: بأن الرؤية ممتنعة؟ و أيضا: نقول هذا
الاستدلال معارض بأن رؤية اللّه تعالى لو كانت ممتنعة، لما حصل المدح بأنه لا يرى.
ألا ترى أن المعدومات تمتنع رؤيتها، و ليس لها مدح، بل المدح انما يحصل لو كانت
رؤيته جائزة. ثم انه سبحانه و تعالى يقدر على منع الأبصار عن ذلك.
اذا ثبت هذا فنقول: هذه
الآية تدل على أن رؤية اللّه تعالى جائزة من هذا الوجه. و اذا ثبت الجواز، وجب
القول بالوقوع فى القيامة.
ضرورة أنه لا قائل بالفرق.
و أيضا: فقولهم: ان كل ما كان عدمه مدحا، كان وجوده ممتنعا: منقوض بأنه تعالى يمدح
بنفى الظلم و العبث عن نفسه. حيث قال: وَ ما رَبُّكَ
بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت 46]
وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما باطِلًا [ص 27] مع ان مذهب المعتزلة أنه تعالى قادر على فعل الظلم و العبث.
و اما الجواب عن الشبهة
الثانية- و هى التمسك بقوله تعالى:
لَنْ تَرانِي- فنقول: كلمة لَنْ لا تدل على التأبيد، بدليل قوله تعالى:
وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً [البقرة 96] مع أنهم
يتمنونه فى الآخرة.
و الجواب عن الشبهة
الثالثة- و هى التمسك بقوله تعالى:
وَ ما كانَ لِبَشَرٍ
أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ، إِلَّا وَحْياً فنقول: الوحى هو
أن يسمع ذلك الكلام بسرعة، و ليس فيه أن يكون محجوبا عن رؤية اللّه تعالى أم لا؟
و أما الجواب عن الشبهة
الرابعة: أن نقول لم لا يجوز أن يكون ذلك الاستعظام لأجل أنهم طلبوا الرؤية
على سبيل التعنت و العناد.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 300