اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 299
رؤيته ادراكا البتة. فلم
يلزم من نفى الادراك نفى الرؤية. فالحاصل:
أن الادراك رؤية مكفية[13] و لا يلزم من نفى الرؤية المكفية، نفى
أصل الرؤية. و كما أنا نعرف اللّه و لا نحيط به. فكذلك نراه و لا ندركه.
الوجه الثانى فى الجواب: هب أن ادراك العين عبارة عن الرؤية، الا أن قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ
نقيض لقولنا: تدركه الأبصار. و قولنا: تدركه الأبصار، يقتضي أن يدركه كل أحد. لأن
الألف و اللام اذا دخلا على اسم الجمع، يفيدان الاستغراق. و نقيض الموجبة الكلية:
السالبة الجزئية. فكان قوله لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ معناه: أنه لا تدركه جميع الأبصار، و نحن نقول بموجبه. فانه لا يراه
جميع المبصرين. فان الكافرين لا يرونه بل يراه بعض الأبصار.
الوجه الثالث فى الجواب: انا نقول بموجب الآية: أنه لا تدركه الأبصار. فلم قلتم بأنه لا
يدركه المبصرون؟ فان قالوا: المراد من الابصار فى الآية: المبصرون، و الا خرجت
الآية عن أن تكون مفيدة.
فنقول: اذا حملنا الأبصار
على المبصرين، وجب أن يكون معنى قوله تعالى:
وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ: أنه يدرك جميع المبصرين.
و لا نزاع فى أنه تعالى مبصر، فيلزم بحكم هذه الآية: أن يبصر نفسه. و أنتم لا
تقولون به.
الوجه الرابع فى الجواب: هب أن ظاهره يدل على نفى الرؤية عن جميع المبصرين. الا أنه عام. و
قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ [القيامة 22- 23] خاص. و الخاص مقدم على العام.
[13] التعبير بأصحاب
موسى هو غير التعبير ببنى اسرائيل و هذا يدل على أنه كان معه من غير بنى اسرائيل.
و هذا قد صرحت به التوراة و مستفاد أيضا من قوله تعالى:
فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ
أى من قوم فرعون، لأن بنى اسرائيل كانوا مؤمنين بموسى عليه السلام.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 299