اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 269
و لقائل أن يقول:
(السؤال الأول):
صحة الرؤية حكم عدمى، و
الحكم العدمى لا يجوز تعليله.
و انما قلنا: ان صحة الرؤية حكم عدمى: لأن الصحة حكم عدمى، و اذا كانت الصحة أمرا
عدميا، كانت صحة الرؤية أمرا عدميا[1].
و انما قلنا: الصحة أمر
عدمى لوجهين:
الأول: الدلائل الكثيرة المذكورة فى مسألة حدوث الأجسام، على أن الصحة و
الامكان يمتنع أن يكون صفة موجودة.
و الثانى: ان الصحة لو كانت صفة موجودة، فلا شك أن العالم قبل وجوده، صحيح
الوجود. و كانت تلك الصحة صفة موجودة أيضا، فيستدعى موصوفا موجودا. و ذلك يوجب
القول بقدم العالم. و هو محال. فثبت: أن الصحة ليست صفة ثابتة، و لا حالة ثبوتية
البتة.
و انما قلنا: ان الصحة لما
لم تكن حكما ثابتا، امتنع كون صحة الرؤية حالة ثابتة. و ذلك لأن صحة الرؤية صحة
مخصوصة بكيفية مخصوصية، و لما كان أصل الصحة غير ثابت، امتنع أن تكون كيفيتها و
صفتها ثابتة، لامتناع قيام الثابت بالنفى المحض. فثبت: أن صحة الرؤية ليست صفة
ثابتة و لا حكما ثابتا. و اذا ثبت هذا، امتنع تعليل هذه الصحة، لأن التعليل عبارة
عن تأثير أمر فى أمر، و العدم نفى محض و سلب صرف، فيمتنع أن يكون علة و معلولا.
السؤال الثانى:
هب أن صحة الرؤية حكم
ثابت، فلم قلتم: ان كل حكم، فانه يجب تعليله. و الدليل عليه: اتفاق المتكلمين على
أن من الاحكام ما يعلل، و منها ما لا يعلل. و لذلك فان صحة المعلومية[2] و المذكورية
[1] وجب القول بكون صحة
الرؤية حكما عدميا: ب [2] صحة المرئية و
المعلومية: ب
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 269