اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 270
و المخبرية، لا تعلل. لأن
هذه الاحكام ثابتة فى المعدومات، و العدم لا يصلح للعلية- على ما قررتموه فى
دليلكم- و أيضا: القدر فى الشاهد لا تصلح لخلق الجسم، فهى مشتركة فى هذا الحكم. و
لا يمكن تعليل هذا الحكم بكونها قدرا، و الا لزم أن لا تصلح القدرة القديمة لخلق
الجسم، و لا يمكن تعليل هذا الحكم بكونها قدرا حادثة، لأنكم بينتم فى دليلكم أن
الحدوث لا يصلح أن يكون علة، و لا أن يكون جزء علة.
فثبت ان هذا الحكم المشترك
فيه بين هذه القدرة: غير معلل بشيء أصلا.
السؤال الثالث:
سلمنا أن صحة الرؤية حكم
ثابت. و ان كان حكما عدميا، لكن الحكم العدمى يجب تعليله. لكن لا نسلم أن صحة
الرؤية حكم مشترك بين الجوهر و العرض. و ذلك لأن صحة كون السواد مرئيا، مخالفة
لصحة كون البياض مرئيا. و الدليل عليه: أنه يمتنع قيام كل واحدة من هاتين الصحتين
مقام الأخرى، بدليل: أن الجوهر يمتنع أن يرى سوادا، و السواد يمتنع أن يرى جوهرا.
و لو تساوت الصحتان لقامت كل واحدة منهما مقام الاخرى.
لا يقال: هب أن هاتين الصحتين نوعان مختلفان فى النوعية، لكنهما مشتركان فى
جنس واحد، و هو كونه صحة الرؤية. و هذا الحكم واحد، بحسب الوحدة الجنسية. و حينئذ
يعود التقريب.
لأنا نقول: انه لا نزاع فى أن الأحكام المختلفة بحسب النوعية، و ان كانت متحدة
فى الجنس، فانه يجوز تعليلها بعلل مختلفة فى الماهية. و الدليل عليه: ان المتحركية
و الساكنية و العالمية و القادرية، و ان كانت مختلفة بحسب الوحدة النوعية، لكنها
متحدة بحسب الوحدة الجنسية. فانها بأسرها صفات و أحوال. ثم أنها مع ذلك تعلل بعلل
مختلفة فى الماهية و الحقيقة. فثبت: أن هذا غير ممتنع.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 270