اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 241
هذا عين المتنازع فيه. و
لا يمكن جعله مقدمة فى اثبات المتنازع. و ان أردتم بضد الصفة معنى وجوديا، منافيا
لتلك الصفة على وزان المنافيات الحاصلة من السواد و البياض. فلم قلتم: ان السمع و
البصر ضدان بهذا المعنى؟ و لم لا يجوز أن يقال: ان العمى عبارة عن عدم البصر عما
من شأنه أن يبصر، و الصمم عبارة عن عدم السمع عما من شأنه أن يسمع؟ فأنتم فى هذا
المقام محتاجون الى اثبات أن الصمم و العمى معنيان موجودان، مضادان للسمع و البصر.
و الفلاسفة ينازعون فيه
أشد المنازعة. فانهم يقولون: تقابل البصر و العمى، و تقابل السمع و الصمم، تقابل
العدم و الملكة، لا تقابل الضدين. و قول من قال: ليس جعل العمى عد ما للبصر، أولى
من العكس: ظاهر البطلان. لأنه ان أريد بعدم هذه الأولوية: عدمها فى أذهاننا و
عقولنا. فهذا مسلم، الا أن هذا لا ينتج الا أن نتوقف فيه، و لا نقطع على أحد
الجانبين. و ان أريد بعدم هذه الأولوية عدمها فى نفس الأمر و فى الحقيقة. فهذا
ممنوع و لعل هذه الأولوية حاصلة فى نفس الأمر، و ان كنا لا نعرف كيفية[8] تلك الأولوية.
أما المقدمة الثالثة- و هى ان بتقدير أن يكون العمى و الصمم متقابلين تقابل التضاد- لم
قلتم: ان كل ذات تكون قابلة للضدين بهذا التفسير، فانه لا بد أن تكون موصوفة
بأحدهما؟ و لم لا يجوز أن يقال:
انه قد تكون خالية عنهما؟
فهم مطالبون باقامة الدلالة على اثبات هذه المقدمة.
ثم انا ننقض هذه
المقدمة: بأن الهواء خال عن جميع الألوان و عن جميع الطعوم، و الواحد قد لا
يكون مريدا لأفعال أهل الفسوق[9] و لا كارها لها، فبطلت هذه المقدمة. و