اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 242
أما المقدمة الرابعة- و هى قولهم: انه لا يمكن اتصافه تعالى و العمى و الصمم، لأن ذلك من
صفات النقص و صفات النقص على اللّه تعالى محال- انهم عولوا فى تنزيه اللّه تعالى
عن النقائض على الاجماع، ثم أنهم يثبتون كون الاجماع حجة، بظواهر الآيات و
الأحاديث.
فصارت هذه الدلالة بالآخرة[10] سمعية. ثم انا نرى أن الظواهر الدلالة
على كونه سميعا بصيرا، أقوى من الظواهر الدالة على أن الاجماع حجة و أكثر. و اذا
كان الأمر كذلك، فبأن[11]
نتمسك فى اثبات كونه تعالى سميعا بصيرا بهذه الظواهر القوية، و نسقط عن أنفسنا
التزام تقرير هذه المقدمات الخفية المظلمة، كان أولى. فهذا ما نقوله فى هذا الباب.
و احتج المنكرون لكونه
تعالى سميعا بصيرا بوجهين:
الشبهة الأولى: لو كان اللّه تعالى سميعا بصيرا، لكان سمعه و بصره، اما أن يكون
قديما أو محدثا. و القسمان باطلان، فبطل القول بكونه تعالى سميعا بصيرا. انما
قلنا: انه لا يجوز أن يكون قديما، لأن العالم كان معدوما فى الأزل. و رؤية المعدوم
و سمع المعدوم محال. و ان التزم جاهل أن يكون المعدوم مرئيا و مسموعا، فنقول:
انه تعالى يرى العالم وقت
عدمه معدوما، اذ لو رآه موجودا، لكان ذلك غلطا و جهلا. و هو على اللّه تعالى محال.
ثم اذا وجد العالم فلا بد و أن يراه موجودا، و إلا عاد حديث الغلط. و على هذا
التقدير، يزلم التبديل و التغير[1] و انما قلنا: انه لا يجوز أن يكون سمعه و بصره محدثا، لأنه لو كان
كذلك لصار محلا للحوادث. و هو محال.
[10] الأخيرة: ا و
المراد بالأخرة: الآيات و الأحاديث. [11] فأنا: ا [1] التغير و التجدد:
ب
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 242