اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 226
فثبت بهذه الوجوه: أنه
تعالى يمتنع كونه عالما بكل المعلومات بعلم واحد.
و انما قلنا: انه لا يجوز أن يعلم هذه المعلومات بعلوم متناهية.
لأن المتناهى اذا وزع على
غير المتناهى، لزم أن يكون المعلوم بكل علم أشياء كثيرة. و قد بينا أنه لا يجوز أن
يعلم بالعلم الواحد أكثر من معلوم واحد. و انما قلنا: انه لا يجوز أن يعلم
المعلومات التى لا نهاية لها بعلوم لا نهاية لها، لأن وجود عدد لا نهاية له محال.
و ذلك لأن كل عدد موجود. فهو قابل للزيادة و النقصان. و كل ما كان كذلك فهو متناه،
فكل عدد موجود فهو متناه. و العدد الّذي لا نهاية له يمتنع وجوده. و لما كان كونه
تعالى عالما بالعلم، لا بد و أن يكون على أحد هذه الأقسام و ثبت أنها بأسرها
باطلة، ثبت: أن كونه تعالى عالما بالعلم محال.
الشبهة الثالثة: لو كان عالما بالعلم، لكان اما أن يعلم ذلك العلم[7] بنفس ذلك العلم، أو بعلم آخر. و لأول
باطل. لأن كون الشيء عالما بالشيء، نسبة مخصوصة بين العالم و المعلوم. و النسبة
لا تتحقق الا بين الشيئين. فثبت: أن العلم الواحد يمتنع أن يكون علما بنفسه. و
الثانى باطل أيضا. لأنه لو افتقر فى معرفة العلم الأول الى علم ثان، لافتقر فى
معرفة العلم الثانى الى علم ثالث.
و يلزم التسلسل. و هو
محال.
الشبهة الرابعة: لو كان تعالى عالما بالعلم، لكان ذا علم.
و لو كان ذا علم، لحصل
فوقه عليم. لقوله تعالى: وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ:
عَلِيمٌ و هذا محال، فهذا محال. فوجب أن لا يكون عالما بالعلم.