اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 213
متغير متجدد؟ و قال: ان
ذاته تعالى توجب العلم بذلك المعلوم عند حدوث ذلك المعلوم، فلا جرم استغنى حدوث
ذلك العلم عن علم آخر، فلم لا يجوز مثله فى الإرادة؟
لأنا نقول: العلم بالشيء تبع لوقوع ذلك الشيء. فاذا حدث ذلك الشيء، أمكن أن
يقال: ذاته تعالى توجب ذلك العلم، بشرط وقوع ذلك المعلوم. أما إرادة الوقوع فمؤثرة
فى الوقوع و متقدمة عليه، فيمتنع أن يقال: ان ذاته تعالى توجب إرادة الوقوع بشرط
الوقوع.
و اذا لم يمكن جعل وقوع
المراد شرطا لكون ذاته موجبا لحدوث الإرادة، لم يبق الا أن يقال: انه تعالى أحدث
تلك الإرادة على سبيل الاختيار. و حينئذ يلزم التسلسل. فظهر الفرق بين العلم و
الإرادة.
الشبهة الثالثة: لو كان البارى تعالى مريدا لخلق العلم، لكان اما ان يريد خلق العالم
فى جميع الأوقات أزلا و أبدا، أو يريد تخصيص خلق العالم بوقت معين. و الأول يقتضي
قدم العالم. و اذا كان العالم قديما دائما موجودا، امتنع القصد الى الايجاد. لأن
القصد الى ايجاد الموجود محال. و هذا القسم يفضى ثبوته الى عدمه، فيكون باطلا.
و الثانى أيضا باطل. لأن
ذلك الوقت ما كان موجودا فى الأزل، و الا عاد التقسيم الأول. و هو أن ذلك الوقت قد
حدث بعد أن لم يكن، فيعود التقسيم الأول فيه. و هو أنه تعالى اما أن يقال: انه
أراد خلق ذلك الوقت أزلا و أبدا، أو أراد خلقه فى وقت معين.
و الأول يلزم منه القدم، و
الثانى يلزم منه اشتراط كل وقت بوقت آخر. و يلزم التسلسل. و هو محال.
الشبهة الرابعة: لو كان البارى تعالى مريدا لاحداث العالم،
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 213