اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 214
لكانت تلك الإرادة اما أن
تكون قديمة أو محدثة. و القسمان محالان، فثبوت الإرادة فى حق اللّه تعالى محال.
انما قلنا: انه لا يجوز
ان يكون مريدا بإرادة قديمة لوجهين:
الأول: ان على هذا التقدير يكون حصول الفعل فى ذلك الوقت المعين من لوازم
تلك الإرادة. و تلك الإرادة لكونها قديمة أزلية ممتنعة التغير و الزوال. و لازم
اللازم لازم، فيكون عدم وقوع ذلك الفعل فى ذلك الوقت ممتنعا. و اذا كان ذلك، كان
الصانع موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار. فاذن القول بقدم الإرادة يفضى الى نفى
الإرادة. و الصفة اذا أدت الى نفى الذات، كان القول بتلك الصفة باطلا، فبطل القول
بكون تلك الإرادة قديمة.
الثانى: ان بدخول ذلك الفعل فى الوجود، لا تبقى الإرادة متعلقة بايجاده، لأن
ايجاد الموجود محال. فلو كان ذلك التعلق قديما، لزم عدم القديم و هو محال.
فثبت بهذين الوجهين: انه
يمتنع كونه تعالى مريدا بإرادة قديمة.
و انما قلنا: انه يمتنع
كونه تعالى مريدا بإرادة محدثة: لما ذكرنا أنه يلزم التسلسل فى الارادات. و لما
بطل القسمان، ثبت أن فاعلية اللّه تعالى غير موقوفة على الإرادة.
و الجواب عن الشبهة
الأولى: قوله: «المريد لا يرجح أحد الطرفين على الآخر، الا اذا كان أحد
الطرفين أولى به فى علمه أو ظنه أو اعتقاده» قلنا: هذا مدفوع. و دليله ما ذكرنا فى
مسألة القدحين و الرغيفين و الطريقين.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 214