البلوغ
في ارتفاعها كان مقتضى الاستصحاب هو الحكم باستمرارها. وهذا بخلاف صورة
الانفصال، حيث إن الولاية قد ارتفعت بالبلوغ يقيناً، غاية الأمر أنه يشك في
ثبوتها بعد ذلك نتيجة لطرو الجنون، فلا مجال للتمسك بالاستصحاب.
لكن لا يخفى ما في هذا الاستصحاب من خلل، فإنه من استصحاب الحكم الكلي وقد تقدّم في محلِّه عدم جريانه مفصلاً.
على أنه يعتبر في الاستصحاب اتحاد القضيتين المتيقنة والمشكوكة، ولا ينبغي
الشك في فقدان هذا الشرط في المقام، فإن الصغر والكبر كالحضر والسفر
موضوعان مختلفان بنظر العرف. ومن هنا فلو فرضنا ثبوت حكم الصغر للكبر، أو
الحضر للسفر، فليس ذلك من استمرار ذلك الحكم وبقائه، وإنما هو حكم آخر
مماثل للحكم الأوّل. و بعبارة اُخرى: إنّ الولاية المسببة عن الصغر قد
زالت جزماً، وإنما الشك في ثبوت ولاية جديدة غير الولاية الاُولى، فلا يفرق
الحال فيها بين ما كان متصلاً بالصغر وما كان منفصلاً عنه. وإن لم يقم
الدليل عليها، فلا تثبت في كلتا الحالتين أيضاً.
هذا وقد استدل شيخنا الأعظم(قدس سره)على ثبوتها بنحو الإطلاق{1}بما
رواه زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «إذا كانت المرأة مالكة أمرها،
تبيع وتشتري وتعتق وتعطي من مالها ما شاءت، فإن أمرها جائز تزوّج إن شاءت
بغير إذن وليها. وإن لم تكن كذلك، فلا يجوز تزويجها إلّا بأمر وليها»{2}حيث إن من الواضح أن المجنونة من أظهر مصاديق التي لا تملك أمرها.
و الظاهر أنه لا وجه للمناقشة في دلالتها، من جهة أنها لم تتعرّض لإثبات من
هو وليّها، وهل هو أبوها أو جدّها أو الحاكم؟ وذلك لأن الظاهر من
كلمة«وليّها» هو من يتصدّى لاُمورها وشؤونها في غير النِّكاح، ومن هنا
فاحتمال كونه الحاكم بعيد