أجل
يبقى مورد العمد وما يلحق به من المقصّر الملتفت، لكنّه نادر جدّاً، بل
لعلّ صورة العمد لم تتحقّق أبداً أو في غاية الندرة، فإنّ ما يقع في الخارج
من الإخلال مستند غالباً إلى الجهل، كما أنّ الغالب فيه ما يكون عن تقصير
ومن غير التفات من أجل عدم الفحص، فلو كان المقصّر أيضاً مشمولاً للحديث
لزم حمل هذه الأخبار على كثرتها على الفرد النادر، وهو كما ترى. فبهذه
القرينة والقرينة السابقة نلتزم بعدم الشمول، وإن كان الحديث في نفسه غير
قاصر الشمول كما عرفت. نعم، يستثني من ذلك موردان يحكم فيهما بالصحّة وإن كان الجاهل مقصّراً تعرّضنا لهما في الأُصول في باب الاشتغال{1}و هما الجهر والإخفات والقصر والإتمام، فقد التزم الفقهاء فيهما بالصحّة من أجل النصّ الخاصّ{2}لا
لحديث لا تعاد كما التزموا بالعقاب أيضاً إمّا بدعوى الأمر بهما على نحو
من الترتّب غير الترتّب الاصطلاحي، أو بدعوى قيام المصلحة الكاملة بصلاة
القصر أو الجهر مثلاً والمصلحة الناقصة بالإخفات أو الإتمام كما التزم به
في الكفاية{3}.
و قد ذكرنا في محلّه عدم الدليل على شيء من الدعويين، بل الوجه في الصحّة
لدى الجهل على ما يستفاد من النصّ المتضمّن لها كون العلم جزءاً من الموضوع
فلو لم يفحص المكلّف ولو باختياره لا حاجة إلى الإعادة، لأنّ الموضوع هو
العالم بالحكم، ولا مانع من أخذ العلم بالحكم جزءاً لموضوع نفسه ولو بدليل
آخر كما بيّناه في الأُصول{4}. وأمّا العقاب فلم يثبت، إذ لم يقم عليه إجماع.