الاستثناء عن إطلاق دليل البناء على الأكثر. ومن المقرّر في محلّه{1}أنّ
استثناء العنوان الوجودي عن العام يستدعي أن يكون الباقي تحته عدم ذاك
العنوان فتكون النتيجة بعد ضمّ أحد الدليلين المستثنى والمستثنى منه إلى
الآخر أنّ البناء على الأكثر مقيّد بعدم وقوع الرأي على شيء كما ذكرنا.
والمستفاد من ذيلها أنّ القيد عنوان وجودي، وهو اعتدال الوهم.
و نحوها في الجمع بين الأمرين صحيحة محمّد بن مسلم{2}،
فانّ صدرها دال على أنّ القيد عنوان وجودي وهو اعتدال الشكّ، وذيلها على
أنّه أمر عدمي وهو عدم كون أكثر وهمه الأربع أو الثنتين، نعم الرواية غير
مسندة إلى المعصوم(عليه السلام)و إنّما هي فتوى محمّد بن مسلم نفسه، التي
لا حجّية لها كما ذكرناه سابقاً{3}فهي لا تصلح إلّا للتأييد. و كيف ما كان، فالروايات مختلفة وعلى طوائف ثلاث
كما عرفت. والمستفاد من مجموعها أنّ الإطلاق في أدلّة البناء على الأكثر لم
يكن باقياً على حاله، بل هو مقيّد إمّا بعنوان وجودي أو عدمي أعني اعتدال
الوهم، أو عدم وقوع الوهم على شيء وهما وإن كانا متلازمين خارجاً ومتّحدين
بحسب النتيجة لكنّ الثمرة تظهر في إجراء الأصل لدى الشكّ في الاعتدال وأنّ
الحالة الحاصلة شكّ أو ظنّ كما عرفت، هذا.
و حيث إنّ من الظاهر عدم إمكان الجمع بين القيدين المزبورين، لإغناء أحدهما
عن الآخر، ضرورة أنّ الاعتدال ووقوع الوهم على شيء من الضدّين اللّذين لا
ثالث لهما، ولا معنى للجمع بين التقييد بأحد الضدّين وعدم الضدّ