اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 188
الطرق
هو نثر الحصى و الاستدلال باجتماعه و تفرّقه، كما يعمل صاحب الشعير. و أصل الطرق الضرب، قال الشاعر:
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى # و لا زاجرات الطّير ما اللّه صانع [1]
و قال حمّاد عجرد: الطرق من الجبت.
القيافة
قالت عائشة رضي اللّه عنها: دخل رجل على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تبرق أسارير وجهه من الفرح، فسألته عنه فقال: ألا إن محرز المدلجي رأى زيد بن حارثة و أسامة نائمين في قطيفة [2] ، قد غطيا رءوسهما و بدت أقدامهما، فقال: هذه الأقدام بعضها من بعض.
و اختصم رجلان في غلام يدّعيه كل واحد منهما، فسأل عمر رضي اللّه عنه أمه، فقالت: غشيني أحدهما، ثم هررت دما، ثم غشيني الآخر، فدعا عمر رضي اللّه عنه قائفين فسألهما، فقال أحدهما: أعلن أو أسر قد اشتركا فيه، فضربه عمر رضي اللّه عنه حتّى اضطجع، ثم سأل الآخر فقال مثل قوله، فقال: ما كنت أرى أن مثل هذا يكون.
قال عوسجة ابن مغيث القائف: كنّا سرق خيلنا فعرفنا آثارهم بتميّز أيديهم في العذوق فركبنا في آثارهم حتى ظفرنا بهم.
و قيل: فلان في قيافته يعرف أثر الذرّ على الصخر فيعرف أثر الأنثى منها من الذكر.
و كانت هند بنت عتبة عند الفاكه بن المغيرة و كان الفاكه من فتيان قريش، و كان له منزل للضيافة يغشاه الناس من غير إذن. فخلا البيت يوما و قال الفاكه ساعة و هند عنده، ثم خرج الفاكه لبعض حاجاته، و أقبل رجل فدخل البيت فلما رآها انصرف فاستقبله فرآهما فارتاب بها فخاصمها، و قال: الحقي بأهلك. فتكلّم الناس بها. فقال أبوها: أي بنية إن الناس قد خاضوا في أمرك فأصدقيني، فإن كان ما يقولونه حقّا بعثت من يقتل الفاكه سرا فتخلصين. و إن كان باطلا حاكمته إلى بعض كهان اليمن ليبين براءة ساحتك. فحلفت أنها بريئة. فأرسل إليه و قال: حاكمها إلى الكاهن فقد رميتها بداهية.
فخرج الفاكه في جماعة من بني عبد المدان و خرجت في نسوة فلما شارفوا البلد، رآها أبوها شاحبة متغيّرة، فقال: مالي أراك شاحبة متنكرة الحال قالت: و اللّه ما ذلك لمكروه عندي، و لكنّي آتي بشرا يخطئ و يصيب، فلا آمنه أن يرميني بداهية من غير أصل،
[1] هذا البيت للبيد بن ربيعة من قصيدته التي مطلعها:
بلينا و ما تبلى النجوم الطّوالع # و تبقى الجبال بعدنا و المصانع