responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد الفقهية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 181

السلام بالآية الشريفة في مقامات ليس فيها أمر زائد على ما فيها من الصعوبة و المشقة و العسر، فراجع الأحاديث السابقة تجد فيها شواهد مختلفة لهذا المعنى.

و الحق ان «الحرج» في الأصل و إن كان بمعنى الضيق الا ان الضيق المعتبر في الأمور الحرجية ليس امرا وراء صعوبة العمل و شدته و المشقة الحاصلة منه، فان العمل إذا كان صعبا و عسرا كان المكلف منه في ضيق، بخلاف ما إذا كان سهلا و يسرا و ما ذكره قدس سره من الأمثلة شاهدا على ما ادعاه قابل للمنع و الإنكار، فإن من حمل عبده على شرب دواء كريه غاية الكراهة و لو مرة واحدة يقال ان هذا العمل حرج عليه، و ليس ذلك إلا لأنه يقع منه في ضيق و إن كان هذا الضيق في آنات خاصة و كذلك الحال في سائر الأمثلة، و الحاصل ان المعتبر في معنى الحرج وجود نوع ضيق و محدودية فيه، و لو كان هذا الضيق حاصلا من صعوبة العمل و تعسره؛ و لا يعتبر فيه مداومته في يوم أو أيام عديدة و تكراره، و يزيدك هذا وضوحا بملاحظة ما ذكرناه في معنى هذه الكلمة، و موارد استعمالها من الكتاب و السنة و غيرهما، فراجع و تأمل.

نعم هنا اشكال و هو انه لو كان المراد من «الحرج» المنفي في هذه القاعدة مجرد الضيق و الصعوبة في قبال السعة و السهولة؛ على ما هو الظاهر من معناه لغة و عرفا، يلزم نفى كل تكليف يشتمل على ادنى مراتب الصعوبة و المشقة و هذا يوجب رفع اليد عن كثير من التكاليف الشرعية كالصيام في أيام الصيف لكثير من الناس و الوضوء في ليالي الشتاء بالمياه الباردة و غير ذلك من أشباهه، بل جل التكاليف يشتمل على نوع مشقة في كثير من الأوقات و الحالات؛ و هذا مما لا يتفوه به فقيه، و لو بنى عليه حصل منه فقه جديد.

و هذا يكشف عن ان معناه اللغوي و العرفي و إن كان وسيعا في نفسه، الا ان المراد منه هنا مرتبة خاصة منه لا مطلق الصعوبة و المشقة و الضيق، و لكن أي مرتبة منه؟ و ما حدها؟ و ما الدليل على تعيين حد خاص بعينه؟ هذه أسئلة أشكلت أجوبتها على غير واحد من الأكابر على ما يظهر من كلماتهم في مقامات مختلفة.

اسم الکتاب : القواعد الفقهية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 181
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست