من أركان الدين، الحجّ و هو واجب على كلّ من استجمع الشرائط الآتية من الرجال
و النساء و الخناثى، بالكتاب و السنّة و الإجماع من جميع المسلمين، بل بالضرورة، و
منكره في سلك الكافرين [1]، و تاركه عمداً مستخفّاً به بمنزلتهم، و تركه من غير
استخفاف من الكبائر.
و لا يجب في أصل الشرع إلّا مرّة واحدة في تمام العمر، و هو المسمّى بحجّة
الإسلام أي الحجّ الّذي بني عليه الإسلام، مثل الصلاة و الصوم و الخمس و الزكاة؛ و
ما نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على أهل الجدة كلّ عام- على فرض ثبوته- شاذّ
مخالف للإجماع و الأخبار، و لا بدّ من حمله على بعض المحامل كالأخبار الواردة بهذا
المضمون من إرادة الاستحباب المؤكّد أو الوجوب على البدل، بمعنى أنّه يجب عليه في
عامه و إذا تركه ففي العام الثاني و هكذا، و يمكن حملها على الوجوب الكفائيّ،
فإنّه لا يبعد وجوب الحجّ [2] كفايةً على كلّ أحد في كلّ عام إذا كان متمكّناً
بحيث لا تبقى مكّة خالية عن الحجّاج، لجملة من الأخبار الدالّة على أنّه لا يجوز
تعطيل الكعبة عن الحجّ و الأخبار الدالّة على أنّ على الإمام- كما في بعضها- و على
الوالي- كما في آخر- أن يجبر الناس على الحجّ و المقام في مكّة و زيارة الرسول صلى
الله عليه و آله و المقام عنده، و أنّه إن لم يكن لهم مال انفق عليهم من بيت المال.
مسألة 1: لا خلاف في أنّ وجوب الحجّ بعد تحقّق
الشرائط فوريّ [3]، بمعنى أنّه يجب المبادرة إليه في العام الأوّل من الاستطاعة،
فلا يجوز تأخيره عنه، و إن تركه فيه ففي العام الثاني و هكذا، و يدلّ عليه جملة من
الأخبار؛ فلو خالف و أخّر مع وجود الشرائط بلا عذر،
[1] الامام الخميني: مرّ الكلام في الميزان الكفر في كتاب الطهارة
مكارم الشيرازي: إذا رجع إنكاره إلى إنكار النبي صلى الله عليه و آله و ذلك لا
يكون إلّا بعد العلم بكونه ثانياً قطعاً من شرع الإسلام؛ و كذا ما ذكره في حكم
التارك له مستخفّاً به [2] الگلپايگاني: على الأحوط [3] مكارم الشيرازي: و الأصل
فيه قوله تعالى «للّه على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلًا» لأنّه في حكم
الأمر و الأمر دالّ على الوجوب فوراً على المختار، بل دلالته آكد من الأمر، لأنّه
يدلّ على أنّ الحجّ دين الهي، و الدين واجب الأداء فوراً إلّا ما دلّ دليل على
جواز تأخيره، مضافاً إلى الأخبار الخاصّة الدالّة على فوريّة الحجّ