الظاهر من قوله تعالى: «لا تقربوا» عدم التصرف فيها بشيء من التصرفات، و يلحق
به ترك التصرف أيضا أحيانا إذا كان فيه ملاكه كما إذا كان ابقائه موجبا لفساده، و
المراد «بالأحسن» كلما هو اصلح لليتيم و لأمواله، و بما أنّ الالتزام بالأصلح من
بين جميع التصرفات لعله مخالف للسيرة القطعية، فالمراد به «الحسن» كما فسره به في
«المجمع».
و على كل حال يظهر منها لزوم رعاية المصلحة، فلا يكفي مجرّد عدم المفسدة، و
يظهر منها و من الأخبار أيضا جواز الاتّجار بمال اليتيم للولي أي شخص كان،
لإطلاقها و اطلاق بعض الأخبار أو صريحها، و إن كان مخالفا لمقتضى الأصل، و لا مانع
منه بعد وجود الدليل.
تنبيهات:
1- كثيرا ما يكون ترك الاتّجار بمال اليتيم سببا لفساده و استهلاكه و مصداقا
للإفساد لا سيما إذا كان من النقود الورقية، و حينئذ لا ينبغي الشك في جوازه و لو
لم يكن هذه الأخبار بأيدينا، لأنّ الولي لا بدّ أن يكون حافظا لأمواله، و هذا مناف
لحفظها.
و إليه يشير ما رواه في التذكرة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله من طريق
العامة أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «من ولي يتيما له مال، فليتجر له و لا
يتركه يأكله الصدقة» (و المراد منه الزكاة، أي إذا تركه تعلقت به الزكاة و انعدم
تدريجا بخلاف ما إذا اتّجر به).
و لكن يشكل العمل بها على مذهب الأصحاب، لعدم وجوب الزكاة في مال الطفل و في
استحبابه كلام، و لذا قال في «مفتاح الكرامة» بعد نقل الحديث العامي «أنّه على
ضعفه مخالف لما عليه أصحابنا، إذ ليس في نقديه زكاة وجوبا و لا استحبابا».
كما أن ترك المراودة لليتامى و الصغار حذرا من التصرف في أموالهم أو أكل شيء
عندهم، كما شاع عند بعض المتورعين ممن لا خبرة لهم بأحكام الدين ربّما يكون فيه
مضرّة لهم، و موجبا لكسر قلوبهم و سوء حالهم، و تشتت بالهم، فالمراودة كثيرا ما
تكون من أظهر مصاديق القرب بالأحسن، و ربّما يعاوضه بما هو أكثر بل لو لم يعاوضه
بشيء ربّما كان مصلحة لليتيم، فيجوز من دون عوض، و لكن الأحوط استحبابا جعل عوض
في مقابلها.
2- هذا و قد مرّ سابقا أن الأولياء حتى الأب و الجد إنّما نصبوا لحفظ أموال
القصّر