بقي هنا شيء: و هو أنّه ورد في روايات كثيرة أنّ الأرض كلها اللّه و لرسوله و
للأئمّة المعصومين عليهم السّلام أو شبه ذلك من التعابير.
و قد عقد له في اصول الكافي بابا أورد فيها ثمانية روايات، و هي تنقسم إلى
ثلاث طوائف:
الطائفة الاولى: ما لا يدل على أكثر من ملك الأنفال للإمام عليه السّلام.
مثل ما رواه هشام بن سالم عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه السّلام قال:
«وجدنا في كتاب علي عليه السّلام إِنَّ
الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ أنا و أهل بيتي الذين أورثنا اللّه الأرض، و
نحن المتقون، و الأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها
إلى الإمام من أهل بيتي» [1].
و ابو خالد الكابلي اثنان «كبير» و «صغير» و الأوّل ممدوح غاية المدح، كان من
حواري علي بن الحسين عليه السّلام و الثاني غير معروف، و حيث يدور الأمر بينهما أو
يكون الأظهر هو الثاني يشكل الاعتماد على سند الحديث.
و مدلول الرواية بقرينة ذيلها هو مالكية الإمام بالنسبة إلى الأنفال، و هو غير
ما نحن بصدده.
و ما رواه عمر بن يزيد في الصحيح قال: «رأيت مسمعا (و هو أبو سيّار) بالمدينة
و قد كان حمل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام تلك السنة مالا فردّه أبو عبد اللّه
عليه السّلام فقلت له: لم ردّ عليك أبو عبد اللّه المال الذي حملته إليه؟ ...،
فقال: أو ما لنا من الأرض و ما أخرج اللّه منها إلّا الخمس يا أبا سيار؟ أنّ الأرض
كلها لنا فما أخرج اللّه منها من شيء فهو لنا» [2].
و هو أيضا ناظر إلى الأنفال فلا دخل له بما نحن بصدده.
الطائفة الثانية: ما دلّ على ملك جميع الأراضي له أعم من الأنفال و غيره.
مثل ما رواه يونس بن ظبيان أو المعلى ابن خنيس قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه
السّلام ما لكم
[1]. الاصول من الكافي، ج 71، باب أنّ
الأرض كلها للإمام، ص 407، ح 1.