صلاحه بل كان ضرره بحيث يجوز له صلّى اللّه عليه و آله الإضرار بأي مؤمن لصلاح
نفسه صلّى اللّه عليه و آله لا لصلاح المجتمع؟
الانصاف قوّة انصراف الآية من الجهتين: من جهة اختصاصها بأمر المجتمع، و من جهة
تقييدها بالمصالح، فلا شك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يكن يقدم على
ما لم يكن فيه مصالح الامة و لا يقدم مصلحته بما أنّه شخص على مصالحهم، إنّما كلام
في أنّه هل اللفظ مطلق من هذه الجهة أولا؟ و هل هي في مقام البيان أو ليس في مقامه
من هذه الناحية؟ و ممّا يؤيد الانصراف، الروايات الكثيرة التي ادعى تواترها من
طريق العامة و الخاصة و قد مر ذكرها ممّا ورد في شأن نزولها و غير ذلك.
ثم أنّه لو قلنا بثبوت ذلك له صلّى اللّه عليه و آله بمقتضى هذه الآية أو أدلة
اخرى، و ثبوته لخلفائه المعصومين و الأئمّة الهادين عليهم السّلام و لكن اثباته
للفقيه، دونه خرط القتاد، لما عرفت من أن غاية ما يدل على ولاية الفقيه هو الأخذ
بالقدر المتيقن في أمر الحكومة على الناس، و من الواضح أنّه لا يدل إلّا على
التصرفات التي ليس لها صلة بهذا الأمر و لا بدّ أن تكون تحت العناوين الاولية أو
الثانوية من أحكام الشرع، فيصح له التصرفات في الأموال إذا كان بعنوان الزكاة و
الخمس أو دعت الضرورة إلى أخذها زائدة على الزكوات و الاخماس لحفظ بيضة الإسلام في
مقابل الكفار أو غير ذلك من أشباهه، و كذا يصح له الحكم بالقصاص و إجراء الحدود، و
الأمر بنفر الناس إلى ميادين الجهاد و غير ذلك، ممّا يعد تصرفا في الأموال و
الأنفس، و أمّا أن يؤخذ أموال الناس، لمصلحة الشخصية، أو يطلق امرأته، أو يقتل
مؤمنا متعمدا من غير انطباق عنوان شرعي عليه فلا، و ينبغي أن يكون هذا من الواضحات
التي لا ريب فيها و لا شبهة تعتريها.
و من الجدير بالذكر أنا لم نسمع في رواية و لم نر في تاريخ، أنّ النبي صلّى
اللّه عليه و آله أخذ الناس بالولاية على الأموال و النفوس في غير ما يرتبط بنظام
المجتمع و الحكومة الإسلامية، و في غير نطاق أحكام الشرع، بل و لا بالنسبة إلى
الأئمّة المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين.